السينما وبناء المشاهد
«الإخراج»، ها نحن نصل أخيرًا إلى هذا المفهوم المحوري. في عام 1959م، لم تكن هذه الكلمة حيادية بأي حال من الأحوال. فالتعبير مشحون بتاريخ طويل، وتاريخ مسرحي على وجه الخصوص. وحتى "مورليه" نفسه يجد نفسه مضطرًا، بدايةً، إلى تقديم تعريف ينتمي إلى هذا الإرث: «وضع الممثلين والأشياء في أماكنهم، وتحريكهم داخل إطار الصورة». غير أن هذه الصياغة، رغم بساطتها، تكشف منذ البدء أن الإخراج السينمائي ليس هو الإخراج المسرحي. فبينما يعني الإخراج، في المسرح، ترتيب العناصر فوق خشبة العرض، فإن الإخراج في السينما يُحيل كل شيء إلى الإطار.
إذا كان المخرج يمتلك فهمًا دقيقًا للسيناريو، ولما يتوقعه من ممثليه، وإذا كان له بعض السيطرة، ولو نسبية، على المونتاج (في نظام يكون فيه المنتج هو من يملك القرار النهائي بشان الفيلم المنجز)، فإن لحظة التصوير تظلّ اللحظة التي يمارس فيها سلطته على نحو أكثر اكتمالا. لكن كيف؟ من خلال
"علم التكوين" أو setup: أي ترتيب العناصر، وضبط الموقع وزاوية النظر.
هذه هي الصيغة التي يقدّمها "دميتريك"، بما ينسجم مع صورته محترفًا متينًا وواقعيًّا. فالإخراج السينمائي، وفقًا له، هو فن إيجاد أفضل الترتيبات الممكنة لسرد الحكاية بوضوح، وبفاعلية، وبطريقة تشدّ الانتباه. ولهذا، فإن الإخراج يبدأ أولًا من ترتيب العلاقة بين الممثلين والمكان.

















الرئيسية
فلتر
لا يوجد مراجعات