الصمت في السينما
الصمتُ حالة ذهنية وقدرةٌ تعبيرية في دلالاته النفسية والثقافية والإيديولوجية والسياسية، إنه عنصر مهم في بنية الأفلام رغم النّمطية وضرورة اللغة في الأعمال السينمائية، فهو أحد عناصر تكوينها وحيويتها، كما يعكس في الوقت نفسه رؤية المخرج ووجهة نظره في طرح الفكرة، الفيلم الصامت ليس هو الذي خلا من اللغة المنطوقة فحسب، بل هو الذي يجعل لحظة الصمت ذاتها ممكنةً ومعبّرةً بما يليق بالظهور في فضاء التعبير، وفي لحظة التّعبير ذاتها.
يمكن للصمت أن يُعبّر أكثر من الكلام، فهو أذن الإصغاء وسؤال المعنى، وصوت التأمل، وسؤال آخر للكينونة، من هنا يُعدّ هذا الكتاب محاولة لاستكشاف ظاهرة الصمت في عشرة أفلام سعودية صدرت ما بين مطلع مشروع السينما السعودية في عام ٢٠٠٦م وحتى مرحلة النضوج والانتشار.
يُعدّ الكتاب قراءةً تشي بالجهد في تتبع وسبر دلالات الصمت في الأفلام السعودية، وفي التعبير بعمقٍ عنها، مستعيناً بما تتيحه السيميائيات وتحليل الخطاب من أدوات، لأن الصمت ليس فراغاً من الصوت، بل هو امتلاء بالمعنى.
تُظهر هذه الدراسة أن الصمت في الأفلام السعودية ليس مجرّد فراغ أو سكون، بل هو حركة فاعلة تملؤها التوترات والانفعالات والانجذابات والعلاقات.
كل مظهرٍ للصمت في السينما السعودية يحمل حقيقةً ووعيًا، أو رغبة في مواجهة، أو صراعاً، لذلك فإن هذه القراءة من حيث هي قراءة تستهدف مقاربة هذا المفهوم تتيح للمشاهد مقاربة الفيلم من زوايا أخرى، ما يتيح استعداداً عالياً بأن يكون مشاهدًا مشاركًا ومكتشفًا ومنصتًا، وبهذا يكون الفيلم أكثر انفتاحًا على اكتشافه ومشاركة أعمق مع تأويله، والفهم معه أمتع من التوقف عليه.

















الرئيسية
فلتر
لا يوجد مراجعات