الوجه والظل في التمثيل السينمائي
التمثيل - في أحد أشكاله، ولا نقول جوهره - تعبيرٌ عن الذات. وكل تعبير هو، بصورة أو بأخرى، تنفيس أو تطهير. كي تمثّل، وفق هذا المنظور، عليك أن تعرف نفسك أولاً، وأن تكون راغباً في كشفها، أي تعريتها. هذه العملية تقتضي تجسيد الذوات الكامنة في الداخل. بعض الممثلين يشعرون أن في دواخلهم أشياء غامضة وغير مستكشفة، ولا يمكن الكشف عنها أو البوح بها إلا من خلال التمثيل. عبر هذه الوسيلة تتم تعرية الأحاسيس التي لا يستطيع الممثل أن يفصح عنها في حياته الواقعية.
ولا بد أن الممثل يتملّكه خوف من العزلة لكي يتوق إلى الأضواء الساطعة، ويرغب في أن يكون محور الاهتمام والرعاية، وأن يكون محبوباً وموضع إعجاب. الظلام ٦ واقيق العزلة. من هنا تأتي الحاجة الملحة لأن يكون مرئياً، فالحجب ينفي وجوده.
إنه شكل من أشكال الدفاع عن النفس. لكن الأضواء تعني أيضاً الشهرة والثراء والنجاح.. وهي مجالات مغوية وذات إشعاع خاص.
من فيلم إلى آخر، ومع مرور الوقت، ينمو الممثل على الشاشة، يتغيّر في الشكل والمظهر، يتقدّم في السن، والكاميرا ترصد بدقة كل المراحل العمرية التي يمر بها الممثل، وانعكاساتها على الوجه والجسد والصوت، وعلى الأدوار التي يقوم بها.
الأفلام هنا تصبح تأريخاً للممثل، وتسجيلاً للزمن في تحولاته. الشيخوخة لبعض الممثلين تعني مرحلة ذروة النضوج الفني والعطاء الإبداعي، ومنهم نحصل على ثمار التجرية الطويلة الخلاقة. لكن للبعض الآخر، الشيخوخة تعني أفول النجومية، الاعتزال، الغياب والصمت، الأدوار الثانوية القليلة... وحفلات التكريم.





























الرئيسية
فلتر
لا يوجد مراجعات