عرب بلا قضية
"عربٌ بلا قضيّة" كتاب جديد للوزير غازي العريضي، هو جولة في السياسة والاجتماع والوقائع السياسية، وهو أيضاً مجموعة من المقالات التي تواكب الأحداث والتطورات وقراءة الاتجاهات، يقدمها الكاتب للقارئ اللبناني والعربي، تنطلق بمضمونها من شعور بالهم والمسؤولية الوطنية والعربية والأمانة للتاريخ ولمن سعى وقدّم دماً وتضحيات؛ تسجّل صفحات مجيدة من أجل كرامة الإنسان العربي وحقه في الحرية والعدالة والتنمية والتطور. ينتظم هذه المقالات همّ مشترك للكاتب والقارئ وهو ما تشهده المنطقة العربية من متغيرات بعد سقوط رؤساء عرب وصراع دائر في أكثر من بلد عربي وحربٌ على غزة ونتائجها المرتبطة بميزان القوى الجديد والمعادلات السياسية الجديدة والإفرازات التي ظهرت حتى الآن من مشروع التغيير الذي نعيشه.
فمن تونس إلى ليبيا فاليمن ومصر والسودان والصومال والأردن ولبنان وسوريا وفلسطين والخليج العربي يواجه العرب تحديات كبرى وقضايا متفجرة على ساحات عربية ستتحول برأي الكاتب إلى مواقع منصات لإطلاق صواريخ قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى وإلى غابات من الدروع الصاروخية لهذه الدولة أو تلك في سياق صراع الأمم وإلى ملاعب لتصفية الحسابات وتوليد قضايا تنسينا القضية الفلسطينية التي كانت ولا تزال القضية المركزية الأم بالنسبة إلينا...
بهذا المعنى يبدو العرب بلا قضية - بحسب الكاتب - بل لا يبدون عرباً. هم شعوب. قبائل. طوائف. مذاهب. ولا قضية واحدة تجمعهم!!! هل يعني ذلك انتقاصاً من "الثورات العربية" وحركات التغيير؟؟ بالتأكيد لا - يقول العريضي - نحن نتحدث عن مرحلة قد تطول. هذا ما سنشهده فيها وللأسف فإن "الثورات" التي نجحت أخطأ قادتها بحق أنفسهم وبحقها، والبعض دخل عليها في مواقع معينة وأفرغها من كثير من مضامينها الديموقراطية وأساء إلى الحرية ويريد بناء نظامه. وفي مواقع أخرى انحرف كثيرون باتجاه صراعات ذات بعد ديني أو مذهبي. والناس فقراء. زادت في صفوفهم الأمية والحاجات والأمراض وغابت عنهم الدول بمؤسساتها وحضورها الاجتماعي الاقتصادي التربوي وغير ذلك...
أما الثابت بالنسبة إلى الوزير العريضي فهو "فلسطين. مهما تراجع موقع قضيتها لن يتمكن أحد من إسقاط حق شعبها ولن تتمكن إسرائيل من تحقيق ذلك (...) لذلك ينبغي أن يكون تلازم بين قضية التغيير في العالم العربي وقضية التحرير في فلسطين. الخوف هو ألا يكون انفصال بينهما فقط بل أن نخسر القضيتين في ظل هذا الواقع". لكنها، مرحلة - يتابع العريضي - "سنواجه فيها المتاعب والمصاعب والخيبات في أمة تختزن الكثير من الطاقات والإمكانات، ولن يثنينا ذلك عن الاستمرار في معركة التغيير وفي الدفاع عن فلسطين وحقها ولن يصح في النهاية إلا الصحيح. قد لا يحصل ذلك على أيامنا كما يقال لكن سيأتي بالتأكيد...".
هكذا هو غازي العريضي يقرأ الماضي ويستشرف المستقبل ويجيد فن التعاطي مع الأزمات والأحداث. دبلوماسي من الدرجة الأولى حين يتحدث وناقد لاذع للأنظمة والحكومات حين يكتب. يقف إلى جانب المستضعفين في الأرض ويقول لهم: الظلم والقهر لا يدومان والاستبداد والاستغلال والاستعباد لا يدوم...
لا يوجد مراجعات