ثرثرة فوق النيل
"وتألقت الجمرات في المحجرة بفعل النسائم المتدفقة من الشرفة، وبلغ نشاط أنيس أقصى مداه، واكتسي وجهه الطويل العريض بغبطة مستقرة، وقال: إن الذي جعل من تاريخ الإنسانية مقبرة فاخرة تزدان بها أرفف المكتبات لا يضن عليها بلحظات مضمخة بالمسرة. ونظر خالد عزوز إلى علي-السيد متسائلاً: هل عند الصحافة من أخبار جديدة؟... عند وزارة الخارجية... فقال أنيس: لا توجعوا رؤوسنا، ما أكثر ما نسمع ولكن ها هي الدنيا باقية كما كانت... فقال أنيس: ما دامت الجوزة دائرة فماذا يهمكم... فرمقه خالد بإعجاب قائلاً: خذوا الحكمة من أفواه المساطيل".
هكذا تمضي الحكاية بين دهاليز عوامة نجيب محفوظ... يسمع ثرثراتها فوق النيل... وكأنها أحاديث تدور ودارت في ردهات الحياة... وكأن العوامة مدينة... قرية... محطة من محطات الحياة... تداعى إليها رواداً من مشارب شتى... وكانت أحاديث شتى... وكانت مفارقات وتداعيات وحكايات عكست واقعاً معيناً أراده نجيب محفوظ... هو واقع اختلفت فيه السياسة بالهموم اليومية للإنسان العادي، والثقافة ببخار الجوزة وألم وشقاء الحياة باللامبالاة... صور من الحياة تماوجت... فأضحت العوامة بساكنيها تتحرك... وثرثرات وهمسات تسمع... وحياة تمضي فوق النيل.
Bothayna Al-Essa
10-يناير-2021 04:34
يا أيّ شيءٍ افعل شيئًا فقد أتعبنا اللا شيء.
إعجاب (0)
تعليق