المنطق الأرسطي- المشائي بين الغزالي وابن تيمية
تناول الكتاب موقف علمين كبيرين في التراث العربي الإسلامي من مسألة الأخذ بعلوم الآخر وأخصها المنطق الأرسطي - المشائي، الذي تباينت الردود والمواقف بشأنه بين رافض، ومؤيد بقيد، ومؤيد بإطلاق. وهما أبو حامد الغزالي وتقي الدين أحمد بن تيمية اللذين لا زالا إلى اليوم يشكلان سلطتين مرجعيتين متباينتين: الأول فقيه أشعري معتدل، والثاني فقيه حنبلي متشدد. الأول من أهل «الرأي»، والثاني من أهل الحديث والظاهر.
ولئن كان ابن تيمية قد اختلف مع الغزالي في العديد من المسائل الكلامية والمنطقية والإلهية، حتى أنه وجه له نقدًا قويًا في «الفتاوى»، وفي «الدرء»، و«الرد على المنطقيين»، و«نقض المنطق»، بمبرر نزوعه نحو الفلسفة في بعض كتبه، فإنه مع ذلك يعترف له، أي يعترف للغزالي، بأنه قد جمع من العلم بالفقه والتصوف والكلام والأصول، مع الزهد والعبادة وحسن القصد ما جعله أفضل من غيره. .... وبالرغم مما عرف عن الرجل من تشدد، فإنه لم يعمد إلى تكفير أبي حامد الغزالي، ورميه بالكفر، والطعن في إيمانه، وإنما اعتبر إيمانه إيمانًا مجملًا. وهو وإن كان قد نزع نحو الفلسفة وغير عباراتها، فقد كان القصد من ذلك تعزيز وترسيخ الإيمان لا العمل على هَزّه وزعزعته. وبذلك يكون ابن تيمية قد تجاوز عما رآه وسجله من مزالق وكبوات وهفوات عند الغزالي بمبرر«حسن القصد».
لا يوجد مراجعات