الغزالي
كتاب كارادي فو عن الإمام الغزالي هو من الدراسات الأجنبية التي وجّه فيها علماء الشرقيات اهتمامهم إلى التفكير الإسلامي وتطوره، وقد ظهر هذا الكتاب منذ بضعة وخمسين عاماً، فكان يرجع إليه الباحثون على أنه مصدر من مصادر التاريخ لحركة الفكر الإسلامي.
واستحدثت بعد هذا الكتاب كتب أخرى لباحثين من الأجانب والعرب، ولكن خلوّ المكتبة العربية منه دعا عادل زعيتر إلى ترجمته، لحفاوته بمفكر من مفكري الإسلام، ولاتصاله الوثيق بعلم الكلام والتصوف والأخلاقيات التي فلسفها الإمام على طريقته الرائعة، ولم يجعلها مجرد وعظ ونصائح على سبيل الأمر والنهي.
وعلى الرغم مما في الكتاب من عمق في البحث ورجوع إلى المصادر العربية التي لم تكن قد طبقت في ذلك الحين، وعلى الرغم مما فيه من إحاطة بالموضوع فإن الرجل تقلبه نزعة ليست غريبة على القارئ، فهي نزعة فريق من المستشرقين الذين لا يخلصون لقضايا العلم، فلا يكادون يمضون في طريق البحث حتى تقليهم آراء خاصة، ليست علماً خالصاً، ولا يراد بها الوجه الصحيح للعلم، وإنما قد تحمل بين سطورها ما يشوه الصورة الصحيحة للإسلام، بغمزة هنا، ولمزة هناك وتكاد تكون هذه الآراء الجائزة الحائدة عن المنهج السوي للعلماء نغمةً معادة مكررة يديرها هذا الفريق المعيّن من المستشرقين في كل مناسبة.
فالغزالي هنا، يظهر ناقلاً عن مأثور مسيحي، وتتأثر بمؤثرات نصرانية، كأن كثيراً على فيلسوف مفكر أن يكون أصيلاً في أفكاره، أو مبدعاً في آرائه، والمرأة المسلمة عند كارادي فو سبب لتعويق الدراسات النفسية، لأنها لم تكن موضوعاً للقصص الذي أفرد له في الغرب مكاناً بالغ الخطورة، وإنشاء أول زاوية صوفية على يد أبى هاشم الصوفي سنة 150هـ يعد تقليداً لأدبره الضاري.
وغير ذلك من الآراء الغربية، والاستنباطات العجيبة التي قد يلقاها القارئ في مواضع من الكتاب، والتي لا تثبت مناقشتها على المحك حين توزن بميزان العلم الصحيح النزيه المبدأ من مثارات الريب. إن كتاب كارادي فو عن "الغزالي" الذي بين يدي القارئ قد ظل مرجعاً لعلمائنا الذين كتبوا في الفلسفة والأخلاق والتصوف الإسلامي، لذا فإن ترجمته ضرورية ليعرف المسلمون ما يقال في الإسلام وما يقال فيهم، إن كان صدقاً وإنصافا، أو إجحافا وادعاءات.
لا يوجد مراجعات