ضوء شديد العتمة مراجعات سينمائية

"ضوء شديد العتمة" هو عنوان مجازي صادم، يشي في العمق التأويلي عن أسلوبية الكاتب التي تذهب إلى إضاءة العتمة في الأفلام؛ والمفارقة هي أن هذا الضوء ليس منيراً، ولكنه شديد العتمة، وهي تورية تحيل إلى العكس. لقد استوقفتني هذه المفارقة كثيراً وأنا أقرأ في ثنايا الكتاب، إذ يلوح لي العنوان المراوغ والمباغت والدافع لقراءة مراجعات الأفلام التي اختارها؛ ليضيء شدة عتمتها بعتمة منيرة؛ والعتمة المنيرة هذه - مجازا-هي التي تدفع القارئ لاستكشاف مسرودات الأفلام، وهو بذلك يشرك القارئ المشاهد في التفكير والتحليل معه. وهو كتاب يطلعنا على دهاليز اثني عشر فيلياً، يستقصي فيها الكاتب بعض الموضوعات الحميمية والإشكالية التي تطرق إليها كل فيلم، وفي ذات الوقت يستجلي فيها فهمه ومنطقه، وتأويله.

لا يلتفت المؤلّف في الكتاب إلى التقنيات التنفيذية والأساليب الإخراجية في صناعة أي فيلم تناوله؛ ولا يعنيه المونتاج ولا الموسيقى المصاحبة أو الملابس المختارة أو حتى البعد التاريخي، المكاني، أو الزماني، ناهيك عن أداء الممثلين. إنه معنيّ أكثر بالمسائل المتعلقة بين الصراع والتآلف الإنساني بمختلف أبعاده. كما لا يعنيه التوثيق الفيلموغرافي للأفلام؛ عن مخرجي وممثلي وطاقم العمل الفني، ما يدفع بالقارئ للبحث بنفسه من خلال محركات البحث، لمعرفة المعلومات الأساسية للأفلام والمخرجين والممثلين؛ وهذا ما حدث معي بالضبط؛ إذ وجدت أن أربعة من الأفلام التي تناولها الكتاب لا أعرفها؛ فأغراني ذلك للبحث عنها ومشاهدتها، خلال أسبوع، وبالتالي وقفت على فيلموغرافيتها؛ وانسجمت مع ما جاءت به قراءة الكاتب.