في المنهجية والهوية والثقافة
لا تصدر المقالات في هذا الكتاب عن همٍّ مركزيٍّ، منشغلٍ بالاعتكاف على الذات، منغلقٍ عليها، بالمعنى المكانيِّ المطمئنِّ، حيث تعني المركزيَّة القناعة بتكوين الأفكار النِّهائيَّة الراضية عن ذاتها، والمطمئنَّة إلى وضعها، دون التَّفكير باقتراح نتائجَ بديلةٍ، أو احتمالاتٍ ممكنةٍ أخرى. لأنَّ انغلاق العلوم الإنسانيَّة على ذاتها هو جزءٌ من رواسب التَّفكير الإطلاقيِّ القديم، الذي يعطي لكلِّ علمٍ من العلوم موقعه الثابت المحدَّد، ولا يسمح له بتجاوزه. في تصوُّر هذه المقالات أنَّ هذا الفهم للعلوم الإنسانيَّة فهمٌ "إطلاقيٌّ" مغلق. والحال أنَّ ما تدعو إليه هو الفهم المنفتح، الذي لا يرى في العلوم الإنسانيَّة مناطقَ مركزيَّة مغلقة على ذاتها، بل يعاملُها بوصفها مناطقَ حدوديَّة منفتحة، تشترك في التُّخوم مع بعضها، وتتداخل في كثيرٍ من الأحيان في تأشير أبعاد أراضيها.والفهم الآخر لمعنى "الهامشيَّة" الذي تدعو إليه هذه المقالات هو نفي الوجه المتسلِّط في المركزيَّة. فالمركزيَّة كثيراً ما تتحوَّل إلى قوَّة طاغوتٍ واستبدادٍ واقعيٍّ وفكريٍّ، لا يسمح لسواه من العناصر أن تتأمَّل أو حتّى أن تقف إلى جواره. في حين لا تستطيع "الهامشيَّة" أن تتضخَّمَ وتتبنَّى موقف المتسلِّط، مثلما تفعل المركزيَّة. فالهامشيَّة بالضَّرورة هي فكرٌ متواضعٌ منهجيّاً وأخلاقيّاً، يستطيع أن يصل إلى ما لا تصل إليه المركزيَّة من تواضع واقتراح عوالمَ بديلة في الوقت نفسه.




















الرئيسية
فلتر
لا يوجد مراجعات