قلعة الإنمي

تتعدّد أشكال الثقافة وتتنوّع ملامحها في بلدان العالم باختلاف الأعراق والعادات والتقاليد، والثقافة اليابانيّة لها أوجه قديمة وحديثة، تتباين فيها أشكال الفنون، ما بين تقليديّة تعكس أصالة الـمجتمع اليابانيّ وفنون حديثة تطوّرت مع التطوّر التقنيّ الحديث الذي شهده المجتمع الدوليّ بأسره. ومن ضمن فنون اليابان

الحديثة فن الأنيمي أو ما يعرف بفنّ الرسوم الـمتحرّكة اليابانيّة.

وفن الأنيمي ما هو إلاّ تطورّ بلغه فنّ يابانيّ قديم يجاري التطوّر التقنيّ الحديث، حيث تعود جذور هذا الفنّ إلى الـمانجا. والـمانجا فنّ انتشر في اليابان على شكل قصص رسومات هزليّة مطبوعة، انطلقت شهرتها في عام ١٨١٥م عن طريق مبدع هذا الفنّ هوكوساي. والمانجا أو قصص الرسوم الهزليّة الـمطبوعة هي أقرب الصور التي مهّدت الطريق إلى فنّ أفلام الأنيمي بعد ظهور التقنيات المرئيّة الحديثة،حيث تحوّلت قصص الـمانجا إلى أفلام شهيرة ساعدت في زيادة شهرة الأنيمي ونموّها.

ومع هذا فالأنيمي ليس بالحديث الـمطلق، بل كانت بدايته مع أوائل الخمسينيّات. ثمّ نما وتتطوّر بشكل سريع. ويعتبر الـمؤلّف والـمخرج المعروف السيّد/أوسامو تيزوكا الذي توفّي عام ١٩٨٩م، بحقّ الأب الروحيّ والرائد لهذا الفنّ الرائع الذي انتشر صيته في الوطن العربيّ من خلال أشهر أعماله مسلسل الليث الأبيض.

والأنيمي اليابانيّ بأفلامه المصوّرة، يختلف عن مثيله في بلدان العالم الأخرى. فالعديد منّا يعتقد أنّ هذا النوع من الأفلام لا يصلح إلاّ للأطفال أو من هم دون ١٨ عشر عاماً. وهذه نظرة غير صحيحة، لأنّ هناك أفلام أنيمي لا تصلح للأطفال، بل هي للكبار لما فيها من صعوبة في حبكة القصّة وتسلسل للأحداث ومشاهد دمويّة، مخيفة لا تتناسب وشخصيّة الطفل.

يقدّم هذا الكتاب الذي بين أيدينا الآن، في سبعة فصول مادة شيّقة تفصيليّة تعرض على القارئ فنّ الـمانجا والأنيمي، منذ بدايته ونشأته، مروراً بمراحل تطوّره، وصولاً إلى شهرته حول العالم، كما يضم الكتاب بين طيّاته معلومات ثريّة قدّمها للمهتمّين بهذا الفنّ عن استوديوهات إنتاج أفلام ومسلسلات الأنيمي وكذلك أهمّ الأعمال.

ويهمّني أن أقدّم للقارئ المهتمّ بفنّ الأنيمي هذا العمل، لما بذله الكاتب من استثمار لوقته وفكره،حتىّ يصل إلى تقديم هذا الشكل الحديث من الثقافة اليابانيّة إلى القارئ العربيّ في صياغة وأسلوب شامل.