العدالة الجنائية الدولية والسيادة الوطنية
يعَدّ الحق في الحياة والعيش بكرامة من أقدس حقوق الإنسان قبل تدوينها، الأمر الذي فرض على الإنسانية البحث عن سبل السلام العالمي، وإقرار قواعد العدالة والإنصاف في ما بين الجماعات والأفراد زمن السلم وزمن الحرب. ولما كانت الحروب مشروعة، فإن تاريخ العدالة الجنائية الدولية يثبت لنا وعي الإنسانية بخطورتها على الكرامة الإنسانية.
ليست العدالة تصورًا فلسفيًا عقلانيًا لمفهوم الخير العام، أو بناءً نظريًا صيغَ في قوالب صلبة اتّخذت شكل مبادئ وقواعد قانونية، أو حتى أيديولوجيا ثأرية ولو باسم القانون المعلّب؛ فالعدالة تتجاوز حتى فكرة المساواة – العدالة العمياء – رغم التقاطعات القيمية بينهما. العدالة إذًا، رديف لقيمة الحق؛ فمن دون الحق في الكرامة والدمقراطية وحقوق الإنسان، تبقى العدالة كقيمة معطلة.
يأتي هذا الكتاب، ليقدم مسحًا كرونولوجيًا لمسار العدالة الدولية في شقها الجنائي، كمحاولة للتشخيص والوقوف عند أهم المحطات والأفكار المؤثرة والدَّالة على متغيَّر العدالة الجنائية الدولية بالإشارة إلى الحالة العربية. يسعى الكتاب، وفق منهج نقدي تحليلي، إلى استنطاق النصوص الاتفاقية الدولية في علاقتها بطبيعة النظام الدولي معياريًا وموضوعيًا، لاستجلاء عناصر التقاطع والتناقض البادية والكامنة في ثنايا براديغم القانون الدولي والسيادة القضائية للدول؛ فالقانون كظاهرة اجتماعية، وعند مقاربته علميًا، لا بديل من استحضار مختلف المدخلات والعوامل والسياقات المؤثرة في إنتاج قواعده.
لا يوجد مراجعات