شجاعة الحقيقة: حكم الذات وحكم الآخرين
أعطى ميشيل فوكو أهمية للأعمال وللتحولات التي يتوجب على الذات القيام بها حتى تصير "جديرة بأن تكون ذاتا صريحة وصادقة وحرة". فقد استنتج من الأبحاث التي قام بها حول كتابات بعض الفلاسفة اليونان والرومان أن العلاقة مع الحقيقة هي مباشرة أخلاقية، وتتمظهر في تلك العلاقة المشروطة بين الفعل والقول. إذ أن ولوج الحقيقة وممارستها يفترضان إقامة علاقة خاصة مع الذات ومع الآخرين والعالم. كما لا يكفي أن تكون أي ذات كما عند ديكارت، بل من الواجب معرفة الذات والإهتمام بها وبنائها، وتمرينها على قول الحقيقة لنفسها وللآخر، كما عند سقراط وأفلاطون. ففي فلسفة سقراط وأفلاطون ستظهر قيمة قول الحقيقة وأهميتها بالنسبة للحياة. فهذا سقراط يقدم نفسه على أساس أن مهمته ووظيفته هي دعوة الناس إلى الاهتمام بذواتهم…، إنها مهمة أوكلها الله إليه، وهو حريص على إبلاغها بكل شجاعة مجازفًا في ذلك بحياته. أما بالنسبة لأفلاطون، فقد ربط الاهتمام بالذات بضرورة التأهيل لممارسة أعمال ووظائف في المدينة (حكم الآخرين مثلًا)، الشيء الذي يتطلب تدخل الآخر، معلمًا، أو مربيًا (عند اليونان)، أو مستشارًا (عند الرومان)، بالارتكاز على قول الحقيقة والكلام الصريح والصادق والحر.
لا يوجد مراجعات