مغامرة العقل الأولى
صدر كتاب فراس السواح مغامرة العقل الأولى أول مرة في سبعينيات القرن الماضي وتبرع منذ ذلك الوقت وحتى الآن على قوائم أهم الكتب العربية وأكثرها تأثيرًا.
صدر الكتاب عن دار التكوين ضمن كتب فكر هامة تضم مشروع المفكر والمؤرخ فراس السواح في سلسلة من ٢٣ كتابًا.
نبذة عن كتاب مغامرة العقل الأولى
الأسطورة حكاية مقدسة تقليدية، بمعنى أنها انتقلت من جيل إلى جيل، بالرواية الشفهية. مما يجعلها ذاكرة الجماعة التي تحفظ قيمها وعاداتها وطقوسها وحكمتها، وتنقلها للأجيال المتعاقبة، وتكسبها القوة المسيطرة على النفوس.
فهي الأداة الأقوى في التثقيف والتطبيع والقناة التي ترسخ من خلالها ثقافة ما وجودها واستمرارها عبر الأجيال وحتى في فترات شيوع الكتابة، لم تفقد الأسطورة الشفهية قوتها وتأثيرها. ذلك أن الألواح الفخارية، كانت محفوظة في المعابد وفي مكتبات الملوك، ولا تلعب إلا دور الحافظ للأسطورة من التحريف بالتناقل. وبقي السمع هو الوسيلة الرئيسية في تداولها.
وفي أكثر من مناسبة دورية، كانت الأساطير تتلى أو تنشد في الاحتفالات الدينية العامة، من ذلك مثلاً، أعياد رأس السنة في بابل، حيث كانت تتلى وتمثل أسطورة التكوين البابلية. وأعياد الربيع حيث كانت تتلى وتمثل عذابات الاله تموز.
بالإضافة إلى ذلك فإن الأسطورة هي أيضاً نص أدبي، وضع في أبهى حلة فنية ممكنة، واقوى صيغة مؤثرة في النفوس، وهذا ما زاد في سيطرتها وتأثيرها. وكان على الأدب والشعر، أن ينتظرا فترة طويلة، قبل أن ينفصلا عن الأسطورة.
لقد وضعت معظم الأساطير السورية والسومرية والبابلية في أجمل شكل شعري ممكن. وقام هوميروس بصياغة معظم أساطير عصره المتداولة، شعراً في الأوديسة والإلياذة. وإلى جانب الشعر والأدب، خلقت الأسطورة فنوناً أخرى كالمسرح الذي ابتدأ عهده بتمثيل الأساطير الرئيسية في الأعياد الدينية.
كما دفعت فنوناً أخرى كالغناء والموسيقى وغيرها. وبعد هذا كتاب في أسطورة الشرق القديم، وهو بين يد القارئ في طبعته الثالثة عشرة.
وهدف الباحث من وراء كتابه هذا التعريف بالأسطورة في سوريا القديمة وبلاد الرافدين، معتمداً في ذلك على النصوص الكاملة لأهم الأساطير المعروفة والتي تم استحضارها من خلال أكثر من نص وأكثر من ترجمة.
وقد كانت براعة الباحث في تقديم كل أسطورة في مناخها العام من الأساطير واضحة حيث أخذت كل أسطورة في هذه الدراسة مكانها في صورة الأساطير ككل، مستمدة تفسيرها من البنية الإجمالية للدراسة.
وعن مشروعه الثقافي يقول فراس السواح:
عندما وُضعت أمامي على الطاولة في دار التكوين كومة مؤلفاتي الثلاثة والعشرين، لنبحث في إجراءات إصدارها في طبعة الأعمال الكاملة، كنت وأنا أتأملها كمن ينظر إلى حصاد العمر، أربعون عاماً تفصل بين كتابي الأول "مغامرة العقل الأولى" والكتاب الأخير "الله والكون والإنسان"، ومشروع تكامل تدريجياً في ثلاث وعشرين مغامرة معرفية أحببت أن أشرك بها قرائي الذين تابعوني خلال هذه العقود الأربعة.
الكتاب يشبه الكائن الحي في دورة حياته، فهو يولد ثم يكبر ويشتد عوده ثم يموت ولا تجده إلا في المكتبات العامة، ولكن بعض الكتب تخرج عن هذه القاعدة، وتتحول إلى كلاسيكيات تطبع وتتداولها الأجيال في كل عصر، فهل سيتحول كتاب المغامرة إلى كتاب كلاسيكي بعد أن بقي كفارس لم يترجل عن مكانه في واجهات ورفوف باعة الكتب في كل مكان من العالم العربي طيلة أربعين سنة؟ هذا ما ستجيب عليه السنوات المقبلة.