السلطان: دليل السياسة لحفظ الرئاسة
اعتاد بعض الفقهاء والمفكرين السياسيين في الماضي، في الثقافة العربية، كابن المقفع وابن عبد ربه والماوردي والمرادي وغيرهم، وكنقولا ميكافيللي في الثقافة الغربية، أن يكتبوا نصائحهم الرقيقة وإرشاداتهم الأنيقة ونظراتهم المستحبة في السياسة والملك للخلفاء والملوك والأمراء والوزراء لكي يهتدوا بهديها عندما يرون الحاجة إلى ذلك. وكان هدف معظم هؤلاء التقرب من السلاطين طلباً للرضى والعطايا والهدايا والمطايا، وهم يعلمون علم اليقين بأن لا سلطان يقرأ ما يكتبون، ولا أمير ينظر في ما ينسخون. أما نحن في "السلطان" فقد وفر علينا سلاطين هذا العصر الجهد في النظر في التاريخ، واستخلاص الحكم والأمثال، وإدراك المواعظ والأقوال بأن جعلونا نكتب لا ما يجب أن يتبع، بل ما هو متبع في الواقع. فجاءت هذه النظرات في السياسة والرئاسة في "السلطان" مجرد تسجيل وتوثيق لما هو قائم وسائر ومعمول به وظاهر. وما فعلناه أيضاً أننا قمنا بتسجيل بعض ما سمعناه من نصائح المستشارين والمخططين والحكماء والفقهاء المقربين. وهي النصائح التي تقال للسلطان في السر والخلفاء، فجئنا وقلناها لكم في العلن والضياء، ولعلكم تعلمون وتنتفعون. واعتاد الفقهاء وكتاب السياسة والرياسة في الماضي أن يكونوا مثاليين في نصائحهم وتوجيهاتهم المستقاة من تجارب التاريخ الماضي. وكانوا يثقلونها بالحكم المثالية والشواهد الخيالية التي لا تمت إلى واقع السلطان بصلة، مما كان سبباً في ضيق صدر السلطان بها، وعزوفه عنها، ونفوره منها. أما نحن هنا في "السلطان" فقد حاولنا الابتعاد عن هذا كله، بعد أن ثبت لنا أن السلاطين لا يقرأون التاريخ وإنما يصنعونه. ومن الحكمة والحصافة أن نكتب نحن هنا ما يصنعون، ونوثق ما يفعلون، حتى يروا أنفسهم فيما نكتب، وهو ما قمنا به هنا في "السلطان" فهو كتاب ليس للحاضر فهو الحاضر بعينه.
لا يوجد مراجعات