لغة العرب وآثارها في تكييف العقلية
لا أنسى حتى اليوم ذلك الشعور بالدهشة والذهول الذي اجتاحني وأنا صبي، حين أخبرني والدي أثناء مراجعتي لمعلقة عمرو بن كلثوم (التي كلفنا بها مدرس اللغة العربية في الثانوية) أن شعراء الجاهلية في قصائدهم التي تتغنى بالحروب والانتصارات بين القبائل، لم يكونوا في الغالب يصفون أحداثًا جرت بالفعل، بل كانوا ينظمون تلك الأبيات قبل اندلاع المعارك، ليعبّروا عن أمانيهم وآمالهم في ما سيأتي من غد، بصيغة الماضي، كأنما نطقهم بهذه الأمنيات على شكل إنجازات حقيقية هو تعويذة سحرية تهدف إلى تحقيقها.هكذا، كان الشاعر كالساحر، يردد همهماته وقصائده، ليؤثر في إرادة الأقدار أو قوانين الطبيعة، ويحقق لما تصفه كلماته من انتصارات مجيدة لقبيلته.

















الرئيسية
فلتر
لا يوجد مراجعات