تصوير التاريخ من الأسفل
في عالم الأفلام الوثائقية، تظل الروايات التاريخية الكُبرى هي المُهيمِنة، حيث تُسَلَّطُ الأضواء غالباً على الأحداث العظيمة والشخصيات البارزة. يأخذنا كتاب، "تصوير التاريخ من الأسفل" للناقد والأكاديمي الإسباني إفرين كويفاس، في رحلة مُختلفة، إذ يستكشف كيف يُمكن عبر بعض الأفلام الوثائقية إعادة بناء أو قراءة التاريخ من منظور "الأسفل". أي، من خلال قصص الأفراد العاديين والأحداث الصغيرة التي غالبا ما تهمّش في الروايات التاريخية التقليدية. ومن ثم، يُقدم لنا حليلاً عميقاً لكيفية استخدام السينما الوثائقية لتسليط الضوء على "التاريخ "الجزئي"، في مُقابل "التاريخ الكلي.
من خلال فصوله الرئيسية السبعة، يُمَثَّلُ الكتاب إضافة قَيِّمَة للدراسات السينمائية والتاريخية على حد سواء. إذ لا يقتصر على تحليل تقليدي للأفلام، بل يُقَدِّم إطاراً ظرياً يُساعد الباحثين وصُناع الأفلام على التفكير في كيفية استخدام السرديات الشخصية لتوثيق التاريخ وأرشفته أو حتى صناعته. ولذا، نُؤكد على أنه ليسر مُجرد كتاب في نقد وتحليل الأفلام عموماً، بل دعوة لإعادة النظر في كيفية قراءتنا .وفهمنا للأفلام الوثائقية تحديداً، وللتاريخ الجُزئي في مقابل التاريخ الكُلي من هنا، يُقدَّم الكاتب تحليلاً لعدد من الوثائقيات المُعتَمِدة على منهج "التاريخ الجُزئي" بالأساس، والتي من خلالها، يُوَضّح كيف يُمكن للسينما إعادة بناء التاريخ عبر تفاصيل صغيرة تبدو غير مُهمة، لكنها في الواقع كاشفة عن حقائق أعمق. هذا النهج لا يُثري فهمنا للماضي فحسب، بل يُعيد أيضاً تعريف كيفية سرد التاريخ في العصر الحديث.
المُؤكد أن كتاب "تصوير التاريخ من الأسفل" من الكُتب التي تُشَكَّل إضافة فريدة فعلاً لمكتبنا العربية في مجال الأبحاث والدراسات النقدية الفنية المُتعلقة بالسينما والتاريخ، وفي تقديمه لآليات جديدة للبحث والتفكير في الماضي وكيفية قراءته، وللأفلام ومنهجية تحليلها ونقدها.

















الرئيسية
فلتر
لا يوجد مراجعات