الأيديولوجيا والقتل الجماعي
إن عمليات القتل الجماعي، من إبادات إلى حملات إرهابية إلى مذابح، تقوم بها منظمات شبه عسكرية، تشتمل على أكثر الانتهاكات جوراً لحقوق الضحايا، وتُشكِّل «الجرائم الفظيعة» الأشد خطورة في القانون الدولي. لكن لماذا تحدث هذه العمليات؟ وما هي العوامل الأيديولوجية التي تحفّز البشر على ارتكاب الجرائم وأعمال العنف؟
في البداية، يرى جوناثان ماينارد أن هناك ثلاث فرضيات شعبية تفسر الإبادة الجماعية وأعمال العنف؛ الفرضية الأولى هي حالة الاضطراب العقلي التي قد يعانيها مرتكب الجريمة؛ والفرضية الثانية هي الطبيعة العدوانية للفطرة البشرية، وأن البشر بطبيعتهم قتلة. أما الفرضية الثالثة فهي إجبار القتلة على ممارسة العنف. ووفقاً لتحليلات مستفيضة قام بها ماينارد، فإن الأيديولوجيا التي يتبنّاها المجتمع، ممثلة في مجموعة المعتقدات السياسية التي تعتنقها الدولة، هي التفسير الحقيقي لعمليات القتل الجماعي، مشيراً إلى عدة عوامل أيديولوجية أساسية؛ منها تصوير المدنيين بأنهم يشكلون تهديداً؛ واتهامهم بارتكاب جرائم خطيرة؛ وإنكار روابطهم الهوياتية مع مجتمعهم السياسي؛ إضافة إلى اعتبار أن العنف ضدهم هو واجب؛ مع التأكيد على فوائد العنف الاستراتيجية في المستقبل، وأن القتل الجماعي حتمي، ولا بديل منه لمواجهة الطرف الآخر.
ومهما حاولنا تجاهل الحقيقة واعتماد التفسيرات الشعبية لتبرير جرائم الحرب وأعمال العنف، إلا أننا مضطرون إلى الاعتراف بأن وحشية البشر تظهر مع ظهور أيديولوجيات العنف في المجتمع التي تغويهم للمشاركة في جرائم وإبادات مميتة.

















الرئيسية
فلتر
لا يوجد مراجعات