إنانا والإنقلاب الذكوري
الإلهة (إنانا) هي أول إلهة للحب والجمال في التاريخ، لكنها لم تهنأ بحبها وجمالها، فقد كانت نموذجاً للأنوثة التي دمرتها الذكورية السائدة وشوهت قلبها وجمالها، وأسطورة هذه الإلهة العذراء لاتنحصر في علاقتها بديموزي، بل تبدأ منذ ظهورها في الألف السادس قبل الميلاد، مع الإلهة الأم التي أجحفهما الإنقلاب الذكوري، وحتى نهايتها واختفائها، ولذلك سنفحص تاريخ هذه الإلهة منذ ظهورها الأول، في عصور ماقبل التاريخ، وحتى تحويلها لإلهة شرسة مدمّرة، ثم استبدالها بعشتار ثم تلاشيها وذوبانها في إلهات أخريات. وستكون ملحمتها الأسطورية مع ديموزي المحور الأساس الذي يرتكز عليه هذا التاريخ.
لقد توصلنا إلى أن (إنانا ) يمكن أن تكون الفكرة المحورية والأساسية في الإنقلاب الذكوري مع الإلهة الأم، فالإلهة إنانا هي المثل الساطع الأول الذي يشرح لنا ضمنياً كيفية حصول هذا الإنقلاب ومراحله فى الألوهة المؤنثة، ومظاهره في حياتها وتاريخها. هكذا قاد إله السماء (آن) الإنقلاب الذكوري وفعل فعلته في الألوهة المؤنثة وأحالها إلى هشيمٍ يُلخّصُ ماحصل لأغلب نساء العالم في تاريخ البشرية، فقد أُهينت المرأة من قبل الذكور الذين أحاطوا بها، ولم تكرّم إلاً وهي أمٌ عجوزٌ للذكور كنوع من العزاء الشكليّ لها.
كتابنا يشرح كل هذا بالتفصيل ويراقب التغيرات الدقيقة التي تحولت فيها (إنانا) حتى وصلت لحالتها البائسة الأخيرة، وكان من الطبيعي أن يجعل الأكديون منها سيدة المعارك والحروب وسفّاكة الدماء، وسيتجلى هذا في عشتار البابلية والآشورية وفي نظيرتها السورية عناة بشكل صارخ.
خزعل الماجدي
لا يوجد مراجعات