أمثال فلسطينية
"أمثال فلسطينية" ديوان ونموذج مهم يرفع الصوت عالياً مطالباً بالحرية، ولقد تمكن شاعر "الأمثال الفلسطينية" - ببحر قصير، ومفرده متميزة - من الاقتراب في قسم الذكريات من حنين سميح القاسم وخيبة أمل سليم جبران؛ لسبر أغوار مأساة الفدائي ومأساة شعب صبور لم يبق له الظلم غير الاستشهاد طريقاً لتحرير وطنه واسترداد حقوقه.
خابير بِيَّان، شاعر إسباني من جيل السبعينيات في مدينة قشتالة، مؤيد للقضية الفلسطينية، وللحق العربي في فلسطين، لذا يجب علينا أن نحتفل به أدبيا وإعلاميا. وقد احتفل المشروع القومي للترجمة التابع للمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة بخابير بيان بالفعل عن طريق ترجمة بعض قصائده، التي صدرت مؤخرا (العدد 313) بدراسة لمحمد عبد الله الجعيدي تحت عنوان "أمثال فلسطينية".
يقول الجعيدي في دراسته لأشعار خابير بيان: "إن معنى اقتراب خابير بيان من القضية الفلسطينية، يصبح جليا ومفهوما، ويعد خطوة تجديدية، في مضمون الشعر الإسباني المعاصر، حيث شتَّتت العصبية القبلية أهل قريته على المدن المجاورة، فتوقدت روح المقاومة عبر سنوات الحظر حتى قادته إلى استنتاج واحد هو (ما متنا على كثرة ما قتلونا). ومن هنا راح خابير بيان يستلهم روح النضال الفلسطيني، ويرفع راية التضامن الإنساني باسم كل المظلومين الذين تتعرض حقوقهم وجذورهم للسلب والنهب. لذا فإن ديوان "أمثال فلسطينية" يرسم لمحات غنائية على هامش موضوع ملحمي يصور نضالا عادلا يخوضه اليوم شعبٌ صبور".
ولم ندر مَن الأسبق من الشاعرين إلى الكتابة عن شعراء المقاومة الفلسطينية، أو شعراء الأرض المحتلة، خابير بيان، أم نزار قباني؟ وهل تأثر أحدهما بالآخر في هذه الجزئية من قصيدة كليهما؟ أم أن المسألة مصادفة بحتة؟.
إن الشاعر خابير بيان، من خلال مأساته ومأساة قريته في قشتالة، أحس بمدى معاناة الشعب الفلسطيني ومأساته، ومن هنا تأتي تراتيله وصلواته الحميمة لأجل الشعب الفلسطيني.
ولعل الخبرة الصحفية الواسعة التي اكتسبها خابير بيان من خلال عمله الصحفي، ومعرفة الحقائق والخبايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي قد لا يعرفها المثقف العادي، قد أكسبت شعره مفاهيم إنسانية واسعة، وتمردا على الجمود، وانتشار روح التغيير، ونزول الشعر إلى الجماهير، ليكشف لها الحقائق في لغة كثيفة، ولكنها سهلة. لذا فإنه عندما قرأ أول مختارات مترجمة إلى الإسبانية عام 1969 من شعر المقاومة في فلسطين المحتلة، أُعجب بقيمته الفنية العالية، وبالتزام شعرائه بقضية شعبهم، ولاقى ذلك هوىً في نفسه، فحاول اقتفاء أثر المعاني النضالية السامية لهذا الشعر، فتمثل صدى ذلك في "أمثال فلسطينية"، وهو العمل الفني الذي نجح في إسقاط صورة فلسطين الدامية، مع وجود طوابع خاصة لهذه المأساة، على واقع قشتالة / إسبانيا، التي وُلدت فيها كلمات الشاعر ودموعه.
ولكننا على أية حال لن نجد في هذا الديوان أمثالا فلسطينية بالمعنى المتعارف عليه، مثل الأمثال الشعبية الفلسطينية، ولكن الاقتباسات المأخوذة من محمود درويش، وفدوى طوقان وتوفيق زياد على سبيل المثال، بالإضافة إلى تأثر الشاعر بروح المقاومة الفلسطينية، كل هذا جعله يختار "أمثال فلسطينية" عنوانا لديوانه.
لا يوجد مراجعات