بول ريكور
يحتل المفكر الفرنسي بول ريكور (1913-2005) مكانة خاصة بين المفكرين المعاصرين؛ لاتساع مجال اهتماماته، ففي حين أنه ذائع الصيت أولا كفيلسوف، فإن الموضوعات التي يتناولها تتضمن النظرية الأدبية، التحليل النفسي، التاريخ، الدين، الدراسات القانونية، والسياسة. ربما يمتد تأثير فكر بول ريكور إلى مجال يفوق في اتساعه وأهميته مجال تأثير أكثر المفكرين المعاصرين، غير أنه ليس الأكثر شهرة، فكتاباته تُصاغ بأسلوب رصين هادئ لا يرمي إلى تحطيم المقدسات، كما لدى بعض المفكرين الفرنسيين الآخرين مثل جاك ديريدا وجان بودريار، وبدلا من ذلك يحاول ريكور دائما أن يمد الجسور بين مراحل التراث الفلسفي. من أهم مساهماته الفكرية ما قدمة في مجال الهرمنيوطيقا، أو نظرية القراءة (أو التأويل)، في رؤية تتجاوز مجرد قراءة الأعمال الأدبية؛ لتضع نظرية لقراءة الحياة، ومن أهم أفكاره رؤيته للغة كاستعارات ورموز، حيث يتعين التدقيق في المعنى المزدوج للألفاظ، ومناهج تأويلها، ويرى أن اللغة ملتقى جميع المداخل الفلسفية، كما أن الاستعارة تحكم كل اللغة الإنسانية حيث تشكل وعينا بل وتعيد تشكيل الواقع كما نراه. يتسم فكر ريكور بدمج المنهج الظاهراتي ونظرية الهرمنيوطيقا، مما يضعه في سياق مفكري الظاهراتية الهرمنيوطيقية مثل هايديجر، وجادامر وجابرييل مارسيل، ويُعد ريكور مع جادامر اثنين من أهم من طوروا نظرية الهرمنيوطيقا في القرن العشرين.
لا يوجد مراجعات