اعترافات ولعنات
صدر اعترافات ولعنات لـ اميل سيوران بترجمة فتحي أدم ضمن كتب فكر متميزة تضم باقي أعمال سيوران.
من كتاب اعترافات ولعنات
أعتقدُ أنّ التعامُل بنفس الطريقة مع الشاعر والمفكّر خطأٌ في الذوق. ثمّة مجالات ينبغي على الفلاسفة ألاَّ يقتربوا منها. إنّ تقطيع أوصال قصيدة على غرار تفكيك نسقٍ فلسفيّ جُنحة بل هو تدنيس. المُثير للفُضول أنّ الشّعراء يبتهجون حين لا يفهمون ما يُرْطَنُ به في شأنهم. الرّطانةُ تُثير زَهْوهم وتُوهِمُهم بالارتقاء.
وهذا الضّعف ينزل بهم إلى مستوى شارحيهم. العدمُ في نظر البوذيّة (بل في نظر الشّرق عمومًا) لا يحمل تلك الدّلالة الكارثيّة التي ننسبها إليه. إنّه جزءٌ من تجربة التَّمَاسِّ مع النُّور، أو هو إذا شئنا حالةٌ أبديّة من الغياب النّورانيّ والفراغ المشعّ: إنّه الوُجود وقد انتصر على كلّ صفاته، أو لنقل إنّه لا-وُجودٌ فائقُ الإيجابيّة، سخيٌّ بسعادة لا مادّة لها ولا قوام ولا نقطة ارتكاز في أيّ عالَم من العوالم.
تُشبعني الوحدة إلى حدّ أنّي أرى في أقلّ المواعيد شأنًا عمليّةَ صَلْب. الفلسفة الهندوسيّة تبحث عن الخلاص. أمّا اليونانيّة باستثناء بِيرُّون[1] وإبيقور[2] وبعض الذين يصعب تصنيفهم، فإنّها مخيّبة للآمال: إنّها لا تبحث إلاّ عن..الحقيقة.
قُورِنت النيرفانا بمرآةٍ لم تعد تعكس شيئًا. مرآة غدَتْ إذَنْ أبدًا نقيّة، أبدًا بلا وظيفة. أَطلق المسيحُ على الشّيطان اسم: «رئيس هذا العالم»، وأراد بولس الرّسول المُزايدة فأحسن التّسديد: «إله هذا الدّهر».
حين يُشير حُجّتان مثل هذين بالاسم إلى من يَحْكُمُنا، هل نملك نحن الحقّ في لعب دور المحرومين من الإرث؟ الإنسان حُرّ إلاّ حين يتعلّق الأمر بما هو عميقٌ فيه.
اقتباسات من كتاب اعترافات ولعنات
لم يبلغ أحد الدرك الذي بلغته من الإيمان بالحتمية، ولكن ما حيلتي؟ ما إن أنسى أن لي جسداً حتى أعتقد في الحرية، ثم يعيدني الجسد إلى الصواب ويُملي عليّ مآسيه ونزواته فأرجع عن ذلك الاعتقاد.
تُشبعني الوحدة إلى حد أنّي أرى في أقل المواعيد شأناً عملية صلب.
لا يوجد مراجعات