محاورات المملكة السوداء وحديقة زينب
كلا الشكلين الحواريين -اللذين يحتويهما هذا الكتاب- صوتان متقابلان، مستوحيان من غياب الجسد وحضور النفس، في أدوار مختلفة. وهما يلتقيان -نصياً- في هذا الكتاب بعد افتراق -أرشيفي- حام حول خليج النفس التأملي، ومدار الكتابة السردية، سنوات طوال. ظلت المحاورتان راقدتين في ضمير مبعثر، يريد أخيراً اللقاء -إبحاراً- في سفينة واحدة، مصنف ورقي صغير الحجم، مكتوم الصوت، عميق الذكرى. التقت الحوارات الذاتية لتجنس نوعاً من تواريخ الصحبة والمقابسة الوجدانية، وتكشف عن خلفيات حياة متشظية بين المكان ومرجعياته الفكرية والأدبية. انبثقت المحاورات -تدريجياً- في فضاء الصيرورة القصصية، والامتداد المكاني عبر مدينتين خليجيتين: البصرة الشارقة، ذهاباً وإياباً، ثم اجتماعاً كتابياً ـ طبوغرافياً- يحوي أصواتاً مشتتة من حدائق العرفان الدائرية، واسترجاعاً بعيداً لزمان "الممالك" السردية المنعزلة. ربما حسبنا -نحن الاثنان المتحاوران - تسجيل اللقاء صعباً، بعد حدوثه أول مرة، قبل سنوات. لم تكن المقابسة هينة الحضور بتفاصيلها، لكنها أصبحت يسيرة بما أفاض قلبان -ذاكرتان- من مكنونات مباحة، وذكريات متاحة على راحة اليد، وطرف اللسان.
لا يوجد مراجعات