باقي الوشم
صدر كتاب باقي الوشم لـ عبد الله الحسيني عن منشورات تكوين ضمن روايات عربية متميزة. الجدير بالذكر أن هذا العمل هو العمل الثاني في مسيرة الروائي الكويتي الشاب بعد رواية لو تغمض عينيك التي صدرت وهو في السابعة عشر من عمره، الأمر الذي يؤكد على موهبة استثنائية.
نبذة عن رواية باقي الوشم
مثل نبيٍّ يكذّبه قومه، كانت جدتي حمضة السَّحّاب.
في واحدٍ من تلك البيوت المتشابهة، اللصيقة ببعضها، ثمّة بيت، منذ ابتنته الحكومة في أواخر السبعينيات، بقيَ على حاله، حتى وطلائه الأصفر قدتقشّر، وبابه الحديدي كثٌرت حفره، وصناديق الجرائد، التي ما عاد أغلبها يصدر، مثبتةٌ على جداره.
وكان المارة بالقرب، في ليالي الصيف الحارة حتى، يلحظون خيط نارٍ ينبثق من فضاء حوشه، ويشمّون رائحة تُشبه الحريق إلا قليلًا، لكن أحدًا منهم لا يتوجّس خطرًا، إذ الجميع يعرف أنه بيت خليف عجيل، أبي، الذي يرعى أمه العجوز؛ حمضة السَّحّاب؛ تلك التي تتحرّى قدوم الربيع منذ أكثر من سبعين عامًا.
في كل صبح، وكمن تمارس طقسًا يوميًا، تطل من باب البيت. تشخص ببصرها نحو السماء. يداها تعبثان بخيوط الشّال؛ إذ في الأيام التي تصل درجة الحرارة، بالنسبة إلينا، إلى الخمسين مئوية، كانت تحيط كتفيها به.
وحين تصل إلى ما دون العشرة، والصفر أحيانًا، فيتضاعف البرد في جسدها، تتدثر بمعطفٍ صوفي يصل إلى حد فخذيها. تقطع خطوات عدة في الحوش، لتتعرف إلى كنه الجو. وحين لا يهب عليها نسيمٌ رقيق، ولا تلفحها حرارة، وهو ما يحدث دائمًا، تلتفت إلينا متسائلة:
"هوَّ الرّبيع إيا لو بعد" وما جاء بعد؛ إذ لا ربيع، مثلما لا صيف.
قالوا عن باقي الوشم
- نسج عبدالله حمضة السحاب بمهارة فائقة، أعطاها ظلا فصرت أراها، حتى صارت صورتها موشومة في قلبي، إذ رأيتها ملتفة في دثارها وهي ترقص وتمشي وتضحك وهي تغلق بابها على نفسها لتبكي، وهي ترتجف من برد لا يشعر به غيرها، ومع مضي السرد صرت أخاف عليها وأريد أن أجنبها انكسار القلب ومرارة حزن الأمهات، ومثلها أيضا صرت ارتجف في انتظار الربيع. - بشرى خلفان
- إنه لا يرفع لافتات سياسية عملاقة ولا يسطر بكائية متكلفة، بل يفتح أعيننا – كما يفتح عدسته- على اليومي من الأحداث التي تحمل في جوهرها هذه المأساة الكبيرة. إنه يوقف القارئ أمام أسئلة إنسانية كبيرة تسكن في بساطة المشهد. - محمد هشام المغربي
- إذا لم تحقق هذه الرواية المقروئية التي تستحقها، فهذا لأنَّ العالم غير عادِل، ولأنَّ قوانين السوق تُؤْثِر ما هو سهل ومبتذل مقابل ما هو حقيقي وطازج. لكن في كل الأحوال، أصبحت في خارطة الأدب الكويتي اليوم علامة فارقة يصعب تجاوزها أو حتى تجاهلها. - بثينة العيسى
- هذه الرواية ملحمية برغم قصرها، صادقة برغم انطوائها تحت شرط الكتابة الأدبية. هي رواية راشدة، راشدة جدًا. - عبدالخيال عبدالله
زينة علي
18-يوليو-2024 12:14
قالت لي بثينة العيسى عن رواية "تفصيل ثانوي" أنها تشبه الجرح الذي تحدثه حافة الورق"، أستعير هذا التعبير العبقري، عن ذلك الجرح الذي لا تكاد تراه، بل ربما لم تنتبه لحدوثه وقت يحدُث، لكن ألمه لا يُحتمل! أستعيره وأتساءل: كيف برواية كاملةٍ من التفاصيل الثانوية؟!
.... اقرأ المزيدقال عبدالله الحسيني عن روايته أنه كتبها بصدق، ولا أظنه يحتاج أن يصفها بما هو أكثر من ذلك. رواية كتبت بصدقٍ كافٍ كان كفيلًا بعبورها إلى ذهن القارئ وقلبه بلا عقبات، بلا بطاقات هوية ولا جواز سفر ولا لقب عائلة معين..
للأدب -باختلاف أشكاله-
إعجاب (0)
تعليق
Mohamed Khaled
09-أكتوبر-2022 12:44
.... اقرأ المزيدباقي الوشم أو لعنة أن تُولد في الجانب الخطأ!
تتناول رواية "باقي الوشم" عائلة من البدون بالكويت، شكل حياتهم اليومية، المعاناة الواقعة عليهم بسبب خطأ لا يداً لهم فيه، مُتخذين من الجدة ذات السبعين عاماً مركزاً للأحداث، فكانت "حمضة السحاب"؛ هي المرجع التي نعود له، كُلما ضللنا الطريق، كالشجرة، واقفة، مُتماسكة، وصامدة، تنتظر ربيعاً لا يأتي.
ومن خلال هذه الحكاية المؤلمة، يسرد الكاتب شخصيات العائلة المُختلفة، التي يوجد فيها أب عسكري، وأم ربة منزل، وأولاد يُكافحون من أجل كل شيء، مهما كان يب
إعجاب (0)
تعليق
Bothayna Al-Essa
09-أكتوبر-2022 10:26
.... اقرأ المزيديكتبُ الحسيني الحقيقة باردة ونيئة، التراجيديا عنده معجونة بالكوميديا، وشخوصه بقدر ما تمعنُ في الأسى، تتعفّف عن المأساوية وتبرع في التأسّي؛ تمامًا مثل «حمضة السَّحاب» في انتظارها للربيع.
لا تتخلق الدراما في «باقي الوشم» مثل موسيقى تصويرية دخيلة، أو لغة متورّمة محقونة بالستيرويد، بل في أحشاء الحكاية وفي فتيت التفاصيل. إنها رواية مكتوبة بكمالٍ مثالي، سيحتفي بها البعض بسبب موضوعها، ستحصد أوسمة وشهادات نبل وإنسانية بصفتها أفضل ما كتِب عن مأساة البدون - وهذا صحيح - إلا أنه مجحف أيضًا، لأننا
إعجاب (0)
تعليق