تاریخ العصامیة والجربعة
تاریخ العصامیة والجربعة هو قراءة اجتماعية وانثروبولوجية هامة عن المجتمع المصري بعد ثورة يناير، يقدم فيها محمد نعيم وجبة ذكية ومركزة وماتعة للشعب المصري في اخر قرنين، أي منذ الحملة الفرنسية.
صدر الكتاب بعنوان فرعي تأملات نقدية في الاجتماع السياسي الحديث عن دار المحروسة ضمن كتب علم اجتماع متميزة.
نبذة عن تاريخ العصامية والجربعة
خلَّفَت ثورة يناير وراءها عالمًا أمسى قديمًا في وعي كل المعاصرين، يُشار إليه بالماضي أو “زمان”، حتى لو كان المقصود عَقدًا واحدًا مضى، وعلى الرغم من كونه قديمًا لم نكتشف بعد كل عناصره ولا تركيباته كي نفهم لحظتنا المعاصرة التي هي نتاج تفاعُلاته هو، أصبح المصريون بعد يناير يطلق عليهم أنهم شعب بلا كتالوج لأنهم أصبحوا شعبًا موجودًا من الأصل، يتحرَّك بشكل مَرئيٍّ بعدما عبَّر عن وجوده، لم يعد صُوَرًا مُخلَّقة في دراما مُوجَّهة، انهارت كل الصورة النَّمطيَّة القديمة رغمًا عن الجميع، وأصبح لزامًا على الجميع بذل الجهد اللازم لفهم الطبيعة المادية للمجتمع الذي يعيشون فيه، وجوهر صراعاته ودوافعها.
لم تَعُد من الممكن صياغة مصر كعالم مُتخيَّل من عناصر بسيطة؛ فالبلد في تغيُّر مستمر، وكنس التراب ومُراكَمَتُه تحت سجاجيد الواقع لن يُفضي إلى رؤية أي أفقٍ منبسط، بل سيجعل المسير أكثر بُطئًا وقلقًا داخل منعرجات أكثر خطورة وصراعية؛ فالمجتمعات لا تسكن أبدًا، يمكن أن تخفض صوتها، لكنها لن تتوقَّف عن الهمس والكلام، وفي الأثناء ستتشكَّل لغاتٌ جديدة، تتطوَّر وتتمايز وتصبح معها العوالم المتنوِّعة أكثر عُزلَة وتناثرًا، ولن تستطيع خطابات الصور النمطية التافهة احتواءها بحيث يسير كل شيء بالتوازي حتى تأتي لحظة تتقاطع فيها المتوازيات، فتصطدم العوالم بعضها ببعض؛ وحينها لن يمكن إخفاء صوت الانفجار.
اقتباسات من كتاب تاريخ العصامية والجربعة
الفلاح هو إنسان مَحنيُّ الظَّهر، وجهه في الأرض، يكاد يلامسها، يعمل في الغيط طوال النهار، لا يرى سيده إلا فيما ندر، وإن رآه فهو لن يرى من جسده سوى قدميه، فإذا أراد تقبيلها قد يلكزه السيد لَكزَةً خفيفة بحذائه، كنوعٍ من المداعبة، وإشارة عن الرضا، أو يرفسه رفسة نافرة تطلب منه الابتعاد.