لا تبكي
بعد أن نالت ليدي سالفير جائزة غونكور عن روايتها (لا تبكي) عام 2014 طافت شهرتها، بوصفها جوهرة صغيرة تستحق القراءة. تتحدث الرواية هذه عن الحرب الإسبانية وعن نفي أبويها إلى فرنسا. وقد لعبت حالة المنفى في البدء في حياتها ثم في هذه الرواية دوراً أساسياً. إلى جانب ذلك، فإن إعادة بناء حياة أمها، قد فكك رموز الذكريات، وقد يكون إحياء هذه الرموز وبناؤها بأسلوب أدبي أمراً صعباً، وعليه تراجعت الكاتبة بخطوة إلى الوراء لتروي عن منفى الأم وتجربة التحرر الإسبانية. ربما لهذا السبب كان عنوان روايتها «لا تبكي»، ثم إن العبارة المقتبسة من دون كيشوت لميغيل سرفانتس، في صدر الرواية توضح فكرة الكتاب «ما خطبك، أيها المخلوق الجبان؟ ما الذي يبكيك، يا رقيق القلب؟ » لأنها كانت تريد التعبير عن حالتها الذهنية في وقت تصور الرواية، متجنبة السرد المؤلم والمثير للبكاء عن المنفى. كانت هذه الحرب الأهلية الإسبانية هي الأولى بعد العظمى. ولكنها لم تبدأ بنفس الطريقة بالنسبة للعالم وقد غيرت الآراء السياسية لدى البعض: على سبيل المثال، آراء جورج بيرنانوس الذي أقام لمدة عامين في بالما دي ميورقة عندما رأى المجازر التي ارتكبها القوميون ضد «الحمر». إن ميزة رواية ليدي سالفير هي وضع حقيقتين متناظرتين من الواقع التاريخي نفسه، والإشادة بقوة الشباب الكتالوني. صوتان، لغتان، لمأساة يعرف قارئها النتيجة. وفي النهاية، تكشف مونتسي شهادتها لابنتها، الراوية، كجزء من ماضيها الذي كان حتى ذلك الوقت غير واضح. وهنا تبرز العلاقة بين الذاكرة والتاريخ بوصفها الجانب الأساسي في روايتها. فضلاً عن ذلك فهي تستحضر المتغيرات الجسدية لدى والدتها وفي هذا تقول: «كانت والدتي جميلة حتى وهي في سن الشيخوخة، لقد هرم جسدها، وهي تعاني من اضطرابات في الذاكرة ». إن الكاتبة تشعر بنوع من الإثارة أمام الأدب الذي له علاقة بالذاكرة، «صحيح أننا في أوروبا مرتبطون بالتاريخ. وفي فرنسا، ربما نعيش في حالة من فقدان الذاكرة تمامًا، حيث يتم نسيان الأشياء باستمرار، في هذه الرواية، كانت لدي رغبة متناقضة في زرع شخصية، هي شخصية مونتسي، المنسية، من أجل فضح فضائل النسيان، لأنه من دون نسيان لا توجد ذكريات. على حد قولها. ومن هنا فقد كان تركيزها على تجربة شخصية مونتسي المنسية من كل التاريخ، ولتروي تطورها فضلاً عن اكتشافها للحرية والحياة: مروراً من مكانة المرأة الجاهلة، التي لا تعرف شيئًا عن العالم، والجنس والرجل، إلى وضع حر.
لا يوجد مراجعات