الجمال جرح
لا يوجد ما يضاهي جنون وعبث إيكا كورنياوان في هذه الرواية، لكنه جنون وعبث من نوع فريد ومفتخر. نحن أمام خيال جامح نتج عنه عمل مذهل. رغما عن طول الرواية وتعدد الشخصيات، إلا أن البناء السردي متماسك، إذ برع المؤلف في التنقل بين حيوات أبطاله جيئة وذهابا في ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم. يكشف لك الحدث قبل وقوعه لكنك ستظل متشبثا بالأوراق وتقرأ بنهم صفحة تلو الأخرى بحثا عن المبررات.
ستجد المبررات، ورغما عن كونها منافية للعقل، ستصدقها لأنها بكل بساطة طبيعية داخل أجواء هذه الملحمة المجنونة. لم يسبق وأن قرأت رواية انعكس عنوانها في كل الفصول بلا استثناء سوى هذه... الجمال جرح في العنوان. الجمال جرح في كل فصل. الجمال جرح في حياة كل الشخصيات. الجمال والحب جرحان. الجمال والحب جرحان ولعنتان.
وصف الكاتب مميز جدا، وما زاد أصالته بالنسبة لي هي الصور المجازية الجديدة القادمة من إندونيسيا التي برع المترجم أحمد شافعي في نقلها وجعلتني أشعر بكوني أحد سكان- أشباح بلدة هاليموندا الخيالية.
أما الحوار فحدث ولا حرج: لا يشغل جانبا كبيرا في الرواية. أغلب الجمل الحوارية قصيرة، لكنها إما كاشفة أو تحمل قدرا من السخرية اللاذعة التي صبت في مصلحة العمل ككل.
تجربة قراءة جميلة ومميزة. أعتقد أنه سيمر وقت طويل قبل أن أقرأ رواية بمثل هذا التفرد والعبقرية
لا يوجد مراجعات