قبور في الماء
تشكل رواية "قبور في الماء" منعطفاً هاماً في تجربة الكاتب محمد زفزاف التي ارتبطت بنموذج المثقف البرجوازي ومنظوره "الإنتقادي" للعالم، ويتجلى هذا المنعطف في اختيار زفزاف لشخصيات تنتمي إلى الطبقة الشعبية، ففي هذا العمل يواجه سكان قرية المهدية وبصورة جماعية غرق أحد مراكب الصيد، وكذلك يواجهون "العياش" صاحب المركب، والسلطة المتمثلة في القائد. لكن المواجهة هنا لا تعنف إلى مستوى تصعيد الصراع، عندما يقنع السكان بالزردة التي يقيمها العياشي ترحماً على الغائبين...
في هذا العمل يجسد الروائي شخصيات متناقضة نهلها من واقع حيوات الصيادين والمتسيدين بين البر والبحر بأسلوب أدبي موشى بالسخرية والنقد. "بعد أن كان الجميع ينتظرون دية أصبحوا ينتظرون زردة يأكلون فيها حتى يشبعوا، ثم يأخذون لأبنائهم اللحم في العب والقب(...) نقيم زردة وننسى ما فات، هل رأيتم ميتاً وقف يوماً من قبره وعادت إليه الحياة؟...".