أثر علماء الأندلس في رص صفوف المسلمين
لقد انهارت الخلافة الأموية في الأندلس منذ بداية القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، وسقطت الأندلس فريسة الاضطراب والفوضى، فكانت فتنة ذات أبعاد وآثار خطيرة على المجتمع الأندلسي، وكان من مظاهرها صراع مرير على السلطة وحروب دامية وثورات مستمرة خلّفت ورائها خراباً ودماراً وضعفاً، وانقسم المجتمع الأندلسي إلى طوائف مختلفة، فالدولة التي كانت مقومات بناءها لتبقى مئات السنين إلا أن الاستبداد وضعف حكامها قلص عمرها، وكانت النتيجة الحتمية لهذه الفتنة أن تنشأ دويلات مستقلة.
في ظل هذه الظروف العصيبة، وتكالب الأعداء على المسلمين في الأندلس، ظهرت جهود علماء الأندلس واضحة جلية للدفاع عن الإسلام، بالدعوة إلى رَصّ الصفوف لمواجهة الخطر المحدق بهم، وإلى وحدة الكلمة، وتوحيد مواقفهم إزاء العدو، فضلاً عن فضح السياسات الانفصالية والمروجين لها، ونبذ هذه السياسات وكذلك الممارسات التي تؤدي إلى التفرق والتناحر، ناهيك عن التصدي لمخططات العدو المتربص بهم والمتمثلة بالممالك النصرانية.
ومن العلماء الذين كانت لهم جهودهم المميزة على طريق وحدة المسلمين في زمن تمادت فيه الفتنة، واستشرى الخطب، وندر فيه وجود الدعاة الصايقين: من أمثال بن عاصم الغرناطي (ت857ه/ 1453م) الذي عاصر المراحل الأخيرة لآخر الممالك الإسلامية في الأندلس في مملكة غرناطة (635-897ه- 1237-1492م).
لا يوجد مراجعات