الطباخ: دوره في حضارة الانسان
الطعام ليس كالحِرَف الأخرى التي ابتكرها الإنسان لإدامة وراحة عيشه، إنّه حاجة ضروريّة، متأصَّل في بيولوجيّة إدامة وجوده وبقائه، ومع ظهور الإنسان العاقل المحمّل بقدراته الإبتكاريّة، ابتكر تنوّع الطعام، وأصبح يملّ تكراره، وأصبح الإبتكار هو القوّة المحرِّكة لتطوّر حضارة الإنسان.
ومع تقدّم الحرفة وإبتكار الإنتاج الزراعي والفائض في الإنتاج، ظهرت قدرة الإنسان على البذخ، وتطوّرت حِرْفة الطعام من موقعها العائلي التي كانت مسؤولة عنها النساء إلى حرفة يقودها الطبّاخ، إبتداء بطبّاخ الحملات العسكريّة، إلى طبّاخ السُلْطة، فاكتسبت مقاماً مرموقاً في المجتمع، ومن هنا ظهر الطبّاخ الفنّان الذي أخذ دوره في تطوّر الحضارة إلى جانب النحّات والمعمار والموسيقار والمغنّي وغيرهم من روّاد الحضارة.
إن سيرورة تطوّر الطعام كانت متعثِّرة خلال المراحل التاريخية، تنتعش وتتهذّب كلّما تنضج وتتقدّم الحضارة، وتتدنّى وتخمد عندما تكبت قدرات الإبتكار، فإذا أردنا تقييم معيار تطوّر مجتمع ما، علينا أن نشاهد ما يأكل من طعام، والموقع الإجتماعي الذي يُمنح للطباخ، وطريقة تنظيم الطعام وتناوله حول المائدة.
يقدم الكتاب عرضاً مسهباً للتفاعل بين تطوّر الحضارة بعامّتها، بإختلاف وتنوّع صيغها ومراحلها في الشرق والغرب، مع تطوّر طقوس إعداد الطعام وتناوله.
لا يوجد مراجعات