أعراف البهجة
بابٌ مُغلَق ونافذةٌ مُغلَقة، والظلام يحيق، أكثر ما يحيق، ببابٍ مغلق ونافذةٍ مغلقة لَكأنه يحجبهما بطلسم. يعرفُ جلالُ الدين عتمةَ هذا البيت، وسيرى في العتمة حوافَ السور وقد تخرَّبت، ويرى خشبَ الباب الذي تقوَّس وتشقَّق وعلِقت به لُطعٌ رمادية منفوشة، ولا بد أنه سيهدأ لحظةً لتمرير لغطٍ اندفق من قلبه وهَدَرَ في أذنيْه قبل أن يدفع بكتفه البابَ ويفتحه، وتَتَرشرش على رأسه وكتفيْه الأتربةُ الناعمة المتكوِّمة على عوارض المدخل.
دخلَ العائدُ وخطا وتريَّث على ممشى الحديقة الصغيرة المنهارة، مُغتمّاً بما إذا كانت الحال فعليّاً هي ما يتبدى له. لعل الحديقة أيضاً بمقدورها أن تلحظه على نحوٍ ما، فتتقصَّى فيه ذلك الصبي الذي كان ينفرد بنفسه بين شجيراتها ليلعب وحده، بانهماكٍ، أحياناً، في ضَجر الظهيرات.
في تلك الظلمة، مشى جلالُ الدين، تخايله ذكرياتٌ، وتحت حذائه تطقطق أغصانٌ يابسةٌ وتندفنُ، كأنها عظام عصافير.
***
عاطف سليمان: كاتب وطبيب مصري، وُلد عام 1959، صدرت له مجموعتان قصصيتان: "صحراء على حِدة" (1995) و"على هيأة اللوتس" (2004)، وكتابا مقالات: "حجر طاحون أخضر" (2013) و"شجرةُ نَبق تحت البروج" (2018)، ورواية "استعراض البابلية" (1998)، وله عدة أعمال تحت الإصدار.
لا يوجد مراجعات