اثينة السوداء
أثينة إلهة العقل والحكمة عند الاغريق إفريقية سوداء، ولها أصول سامية أيضاً. هذا كل ما يريد أن يقوله المؤلف مارتن برنال. ويقع مشروعه في أربعة أجزاء، وبين أيدينا ترجمة الجزء الأول. إنه حقاً مشروع ضخم، لأن المؤلف يتصدى لمهمة إعادة تأريخ الحصارات القديمة، ومن ثم إعادة تشكيل العقلية الحديثة. فالمركزية الأوروبية جعلت من أوروبا منبعاً لكل إبداع فكري وفني. ومع أن الحكمة الإغريقية تقول: لا شيء يُخلق من العدم فإن الفكرة الشائعة لدى الغرب عن المعجزة الإغريقية تعني أن الإغريق عم صانعو كل شيء من لا شيء، أي لم يسبقهم أحد إلى ما توصلوا هم إليه. هم مبدعو الفنون والآداب والعلوم، وتفوقوا على أسلافهم من أصحاب الحضارات الأقدم في كل تلك المجالات. أنكر بعض الأوروبيين إسهام الحضارة المصرية القديمة في تشكيل الحضارة الإغريقية والرومانية. هكذا يأتي كتاب "أثينة السوداء" بمثابة دعوة لإنصاف الحضارة المصرية والحضارات الشرقية الأخرى ومع أنها دعوة ليست نزيهة تماماً، ومع أننا لا نقبل كل أطروحات الكاتب إلا أن الموضوعية تلزمنا بأن نعترف له بالنجاح في إحداث هزّة عنيفة ببعض المسلّمات وخلقت واقعاً جديداً في الدراسات الكلاسيكية خاصة في مجال الدراسات اللغوية والأثرية والتاريخية على وجه العموم.
لا يوجد مراجعات