اليابان المعاصرة
تأتي تجربة اليابان، تجربة فريدة من نوعها من بين دول المنطقة بل من بين دول العالم أجمع، فهذا البلد الذي تضرب جذوره في التاريخ مرت عليه حقب وتجارب وعصور تخلف كان من الصعب عليها كدولة الخروج من نفق مظلم انتهى بهزيمتها في الحرب العالمية الثانية وجريمة إلقاء الولايات المتحدة الأمريكية القنبلة النووية عليها وراح ضحيتها الآلاف.
ولولا إرادة هذا الشعب الذي رأى أن الركون على المآسي وذكريات الماضي المؤلم لا يأتي بنتيجة قد تساعد هذا البلد المعطاء للخروج من الظلام نحو النور متسلحا بتجارب وثقافة تعد واحدة من الثقافات الفريدة من نوعها والتي كانت نابعة من تاريخ وثقافة الفرد الياباني نفسه.
وكان لا بد للمفكرين من جميع أنحاء العالم دراسة وبحث أصول الثقافة اليابانية التي كانت لها اليد العالية في نهضة اليابان.
عن دار ومكتبة عدنان في بغداد صدرت لأول مرة الترجمة العربية لكتاب (اليابان المعاصرة المجتمع والهوية الثقافية) للمؤلف إدوارد ر. بوشامب وترجمة د. علاء فاضل العامري وتقديم د. محمود عبد الواحد القيسي.
يضم الكتاب مجموعة بحوث مختارة تسلط الضوء على المجتمع والثقافية اليابانية، وتحاول اكتشاف منشأ تلك الثقافة وجذورها والعوامل والثقافات التي أثرت في تشكيلها كهوية خاصة مستقلة تميز بها المجتمع الياباني، بما تحمله من فولكلور وألوان فكرية وطبقات اجتماعية تشكلت وتطورت عبر الزمن مع تطور المجتمع.
كذلك يسلط الكتاب الضوء على التحولات التي شهدها ذلك المجتمع لا سيما بعد مرحلة الحرب العالمية الثانية والتي ساهمت في تميز المجتمع الياباني عن غيره من المجتمعات المعاصرة ودفعت المراقبين من المتخصصين وغيرهم ان يضعه في مصاف المجتمعات الأكثر تميزا في العقود الأخيرة من القرن العشرين، وهو ما عبروا عنه ب (الإنسان الآخر)، أو (كوكب اليابان) أو (أسطورة الفرادة اليابانية).
الكتاب جميل ويستحق الوقوف بل والدراسة بصورة معمقة لما ينقل لنا من تجارب هذه الشعب والتي من الممكن الاستفادة منها عمليا والعمل بها على أرض الواقع.
نحن في العراق اليوم بأمس الحاجة إلى دراسة مثل هكذا تجارب بل ووضعها ضمن المناهج الدراسية فالدول لم تشهد ذلك التقدم على الأصعدة العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية لولا اللبنة الأولى التي وضعت على ركام الحروب والمآسي.
لا يوجد مراجعات