( )( )( )( )( )

الاقتصاد السياسي للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآفاق سوق الطاقة الدولية

Author Name    منذر ماخوس

3.00 د.ك

يعالج الكتاب في فصوله الأربعة سوق النفط ضمن بيئة المتحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويتناول الاحتياطيات والتنمية والاستثمار والطاقات البديلة والمستدامة الوافدة إلى سوق الطاقة وآفاق تطويرها بوصفها بديلًا من الطاقة النفطية الأحفورية، ولا سيما الطاقة الشمسية الحرارية. ويرى المؤلف أن سوق الطاقة تشهد اليوم مقدمات لإعادة هيكلتها، وخاصة بعد دخول دول، مثل الصين والهند والبرازيل، بوصفهم مستهلكين عمالقة إليها، ما قد يعيد التوازن إلى السوق النفطية على الرغم من الأزمات الضخمة التي تعانيها اليوم. كما يعتبر أن أسعار النفط القائمة على معادلة العرض والطلب وظروف الأمن والاستقرار والأزمات الدولية هي أيضًا على أبواب إعادة هيكلة نوعية بسبب دخول الطاقات البديلة على نحو مطّرد وتدريجي، وأن السعر الحقيقي للبرميل، وليس الاسمي، هو الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار لدى أيّ مقاربة تتعلق بالأسعار وسوق الطاقة.

نظرة استشرافية إلى سوق النفط

تُراوح التحليلات والتنبؤات بشأن حجم الموارد النفطية وعمرها بين الافتراضات المفرطة في التشاؤم وتلك المبالِغة في التفاؤل. وعلى أي حال، فإن نضوب النفط لن يحدث غدًا، وإن كانت بوادره تلوح في الأفق البعيد.

تختلف الدراسات التي تهدف إلى تقييم الموارد النفطية العالمية اختلافًا شديدًا في ما بينها، وذلك بحسب ما إذا كانت تأخذ في الحسبان الزيوت الثقيلة، والنفط الصخري، ونفط أعماق البحار ومناطق القطب الشمالي، والغاز الطبيعي المكثف، وكذلك التقدم التكنولوجي بما يتيح تكاليف تقنية مقبولة لضمان ربحية الإنتاج. لذلك، تختلف التقديرات المتعلقة بالاحتياطي العالمي للنفط اختلافًا كبيرًا، كما يتضح من تنوع التوقعات من مختلف الخبراء وما يطرأ عليها من تعديلات مستمرة.

ببساطة، تنحصر وجهات النظر بين قطبين: قطب متشائم طوره كولِن كامبل، يرى أن الزيادة في الاحتياطيات الموجودة في الحقول المكتشفة ليست ذات أهمية كبيرة، ويقيّم المخزون غير المكتشف بأقل من 200 مليار برميل، وقطب آخر أكثر تفاؤلًا، يرتكز على تقييمات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية United States Geological Survey, USGS، ويأخذ في الحسبان تثمين الزيوت غير التقليدية، وأماكن وجودها، والتقدم التكنولوجي الذي يسمح بزيادة احتياطيات الحقول الحالية، وأيضًا باكتشاف احتياطيات جديدة وتطويرها، وهي التي لا يزال يتعذر الوصول إليها اليوم.

وفي ما يتعلق بتأثير عامل النفط في العلاقات الاقتصادية الدولية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تجدر الإشارة إلى أن إيرادات النفط المرتفعة لهذه الدول مكّنتها من الاندماج جيدًا في الاقتصاد العالمي. وعلاوة على وصفها أكبر مصدّر للنفط في العالم، فهي من أكبر مستوردي السلع الصناعية والمواد الغذائية والعسكرية. وفي ما يتعلق بالإنتاج الصناعي، فإن ما يعوق تطويره إلى حد بعيد هو عدم توافر اليد العاملة المحلية المؤهلة. ويضاف إلى ذلك أن ضخامة المستوردات العسكرية تفسّر حالة عدم الاستقرار، واحتمال اندلاع صراعات مسلحة في منطقة الشرق الأوسط.

الأوضاع والاعتبارات الجيوسياسية

حتى وقت قريب جدًا، كان الغاز الطبيعي عمومًا، والغاز الروسي خصوصًا، بوليصة تأمين ممتازة ضد مخاطر انقطاع إمدادات النفط القادمة من الشرق الأوسط تحديدًا. ثم قيل مرارًا وتكرارًا إن احتياطيات العالم من الغاز كانت أكبر من احتياطي النفط، وإنها كانت موزعة جغرافيًا توزيعًا أفضل، وخاصة أن الغاز الروسي كان يتمتع بميزة كبيرة كونه كان يصدّر بواسطة بلد أوروبي صناعي ذي موثوقية وقريب نسبيًا من الأسواق الأوروبية.

لقد تغيرت الأمور منذ كانون الثاني/ يناير 2006، عندما أوقفت شركة غازبروم Gazprom الروسية العملاقة شحناتها إلى أوكرانيا في منتصف الشتاء، لأن هذا البلد، الذي أصبح مستقلًا، كان يريد الاستمرار في الاستفادة من الأسعار التفضيلية الممنوحة للجمهوريات السوفياتية السابقة. ومع ذلك، فمن الواضح أن الانقطاعات القصيرة في إمدادات الغاز الروسي إلى أوكرانيا، ثم إلى جورجيا، قد أيقظت في الغرب سيلًا من الانتقادات ضد سياسة النفط والغاز التي يتبنّاها الرئيس فلاديمير بوتين. وسرعان ما امتدت هذه الانتقادات - التي كان محركها في الأساس ضرورة تأمين الاحتياطيات، بالمعنى الضيق للكلمة - لتشمل جميع التدابير التي اتخذتها السلطات الروسية من أجل إعادة السيطرة على قطاع الطاقة الروسية، إلى درجة أنها أثارت المخاوف بشأن صادرات النفط والغاز الروسيَّين، سواء أكانت تلك المخاوف حقيقية أم مفترَضة، فإنها صارت موضوعًا رئيسًا لاجتماعات الطاقة الدولية، وحافزًا للاتحاد الأوروبي في عام 2006 للإعلان المبكر قبل أسبوعين فحسب من انعقاد قمة مجموعة الثماني في سان بطرسبروغ في الفترة 15-17 تموز/ يوليو 2006 عن بناء شراكات جديدة، وهو ما لا يمكن فهمه إلا في ضوء الصراع الدائر بين الدول الغربية وروسيا حول احتكار شركة غازبروم للتصدير وسياسة الاتحاد الأوروبي المطالِبة بتنويع مصادر الإمدادات.

على أيّ حال، لم يتأخر الرد الروسي كثيرًا؛ فبعد خمسة أيام، صوّت مجلس الدوما بأغلبية ساحقة بلغت 355 صوتًا في مقابل 64 صوتًا لمصلحة مشروع قانون يكرّس احتكار شركة غازبروم فعليًا لصادرات الغاز الطبيعي الروسي. وقبل أسبوع واحد من الاجتماع في سان بطرسبورغ، لخّص كلود مانديل، المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة آنذاك، مظالم الدول الغربية ضد سياسة الطاقة الروسية؛ مبيّنًا أنه قد نتج منها أن نحو 40-60 مليار متر مكعب من الغاز لا تزال تُحرَق كل عام في روسيا؛ أي ما يقارب ربع الصادرات الروسية إلى أوروبا، وأنه بسبب نقص الاستثمارات ستكون روسيا غير قادرة على الوفاء بجميع التزاماتها المتعلقة بتصدير الطاقة.

وفي ما يتعلق بالغاز الطبيعي، فإن مخاوف الدول المستهلكة بشأن أمن إمداداتها تزداد مع تصاعد حاجتها إلى الغاز المستورد، وتوقّعت أنها سترتفع بين عامَي 2002 و2030، من 49 في المئة إلى 81 في المئة للاتحاد الأوروبي، ومن 0 في المئة إلى 18 في المئة لأميركا الشمالية، ومن 0 في المئة إلى 27 في المئة للصين، ومن 0 في المئة إلى 40 في المئة للهند. ولتغطية هذه الحاجات، ستبقى روسيا المورد الرئيس فترة طويلة، بحصة قد تُراوح بين 23 و27 في المئة من إجمالي الصادرات العالمية.

آفاق تطور سوق النفط وسوق الطاقة الدوليتين

يرى بعض الخبراء أنه مع الطلب العالمي المتزايد باستمرار، يمكن أن يبدأ النقص في النفط تدريجيًا؛ فخلال ما يزيد قليلًا على قرن من الزمان، نكون قد استهلكنا بالفعل نصف احتياطيات النفط النهائية القابلة للاسترداد. أما النصف الثاني من هذه الاحتياطيات، فسيتمّ استهلاكه على نحو أسرع كثيرًا من الأول بسبب ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة. ومن المتوقع أن يُخفَف من وقع هذا السيناريو المقلق نظرًا إلى التقدم المستمر في مجال التكنولوجيا.

يجري الحديث منذ عقود طويلة في أوساط علماء الفيزياء والميكانيكا عن إمكانية استثمارٍ تقني لحركة الأمواج بأفق تأطيرها وتثمينها عبر آليات ميكانيكية تحرك عنَفَة مولد كهربائي لتحويل الطاقة الميكانيكية الكامنة في حركة الأمواج إلى طاقة كهربائية. ويفصّل الكتاب في هذه الآليات مبيّنًا أن المسألة تعود في النهاية إلى استنباط المركبات التي تستقبل الأمواج وتعميمها، وتحولها إلى طاقة كهربائية عبر توربينات خاصة متلائمة مع الطبيعة والمواصفات الفيزيائية والبيئية لحركة الأمواج.

وضمن الظروف ومستويات تطور التكنولوجيا في العصر الحالي، هناك، اليوم كما نعرف مصادر أسهل تقنيًا وأرخص اقتصاديًا لإنتاج الطاقة (الكهربائية) من الكُمون الذي تحويه طاقة الأمواج. هذه المصادر كما نعرف هي الطاقة الشمسية الحرارية وطاقة الرياح والطاقة الهيدروليكية والطاقة النووية وغيرها.

المسألة في النهاية هي مسألة وقت وتقنية اقتصادية في مرحلة تاريخية محددة لم تَحِن في ما يبدو بعدُ، لكنها آتيةٌ لا محالة، أخذًا في الاعتبار تطور التكنولوجيا والمعارف العلمية عبر التاريخ.

يبقى أن نشير إلى أن هذا الكتاب ثمرة خبرة أكاديمية علمية وعملية سياسية مركبة أيضًا، طويلة للمؤلف، وغنية بالمعارف والتجارب، وبانخراطه في الثورة السورية. وهو في هذا الكتاب يؤسس رؤيته على خبرته الطويلة والمتعددة المستويات في العلوم النفطية والاقتصاد السياسي.

Book Details

Customers reviews

( )( )( )( )( )
Total0 ( 0 )
5 star
0
4 star
0
3 star
0
2 star
0
1 star
0
منذر ماخوس

بروفيسور في العلوم البترولية والاقتصاد السياسي حاصل على خمس شهادات دكتوراه من جامعات أوروبية منها ثلاثة دكتوراه دولة واثنتان دكتوراه وهي من: جامعة باريس للعلوم والتكنلوجيا، وجامعة ستراسبورغ والمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي CNRS، وجامعة السوربون وجامعة موسكو الحكومية بدرجة دكتور في العلوم، وذلك في التنقيب البترولي والإنتاج البترولي وطرائق الإنتاج المعزز للنفط والغاز Enhanced Oil Recovery والعلوم الكونية والاقتصاد السياسي (السوربون). حاصل على إجازة لإدارة البحث العلمي Enabling For Research Direction من وزارة البحث العلمي الفرنسية. عمل أستاذًا في عدة جامعات أوروبية، ولكن عمله المهني كان يتركز بشكل خاص في البحث المخبري الأكاديمي جنبًا إلى جنب مع العمل الهندسي في حقول النفط والغاز حول العالم لمدة تزيد على 35 عامًا، وبخاصة في الجزائر وحوض بحر قزوين (كازاخستان) وسيبيريا والإمارات العربية المتحدة ومالي والسودان والعديد من البلدان الأخرى. وعمل أيضًا لسنوات مديرًا للبحث العلمي في شركات بحثية بترولية (سويسرية وإيطالية خصوصًا) في مجال تطوير تقنيات جيوفيزيائية بترددات الموجات تحت الصوتية لرصد ومتابعة Monitoring للمخزونات البترولية داخل الطبقات الجيولوجية. وهو صاحب براءة علمية مرجعية ومعتمدة في أهم مراكز البحث ذات الصلة والباحثين عمومًا وذلك لمحاكاة Modeling المنظومات الحرارية الأرضية داخل الطبقات الجيولوجية بأف الكشف عن تحقق الشروط الأساسية للمنظومات البترولية "الناضجة" لتَشَكُّل حقول النفط والغاز. وقد شارك بوصفه منسقًا لمجموعات استكشافية جيولوجية في اكتشاف ما يزيد على 16 حقلًا بتروليًا حول العالم. ونتيجة أولى لبداية أبحاثه البترولية في إطار أول أطروحة دكتوراه في الفترة 1970–1974، والتي نُشِرَ معظم نتائجها في حوليات المعهد الجيولوجي الأميركي آنذاك، عبر مقالات علمية عن الآفاق البترولية وما ينتج منها من معادن كفلذات الكبريت الحر، في القسم الغربي لحوض ما بين النهرين والأراضي السورية على وجه الخصوص. وفي هذا الإطار، كان هو أول من أشار منذ ذلك الحين إلى وجود تشكيلات بترولية بمخزونات كبيرة ومؤكدة في منطقة دير الزور وتحديدًا في موقع ديرو Derro، وفي الأطروحة المذكورة نفسها جرت الإشارة أيضًا إلى آفاق بترولية واعدة جدًا على امتداد قوس جيولوجي يمر بالسلسلة التدمرية في سورية وأيضًا على امتداد قوس جيولوجي آخر في الشمال الشرقي لسورية يمر عبر منطقة جبل البشرّي وإقليم الحسكة. وقد مكنه ذلك، إضافة إلى خبرته السورية العميقة بالمجتمع السوري، من التعرف المباشر والمتجدد كثيرًا إلى تطور الوضع الاجتماعي – الاقتصادي السوري من كثب وفي معرفة تحولاته كذلك. نشر ما يزيد على مئة بحث علمي في أهم الحوليات العلمية الدولية المختصة ومعظمها ضمن الفئة “A” والفئة “B” وبخاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا. كما نشر ما يزيد على 12 كتابًا علميًا في العلوم والتكنولوجيا البترولية صدرت عن دور نشر مشهورة مثل (Elsevier, Springer, Technip, l’Harmattan…) وغيرها. كل النشر كان باللغات الإنكليزية والفرنسية وبدرجة أقل بالروسية. ونشر أيضًا ثلاثة كتب في الاقتصاد السياسي وقضايا التنمية وأحدها هذا الكتاب يضاف إليه كتاب الاقتصاد السياسي للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآفاق سوق الطاقة الدولية، اللذين ترجمهما المركز العربي عن اللغة الفرنسية.

الاقتصاد السياسي للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآفاق سوق الطاقة الدولية
إرهاصات التنمية والثورات المجهضة في العالم العربي
Post Review
No Reviews