الكوميديا الإلهية ج٢: المطهر
والمطهر كائنٌ بين الجحيم والفردوس . وهو حال وسط تصبح فيها الجحيم كذكرى للخطايا السابقة ، ويشع فيها الفردوس كأملٍ تتطلع إليه الأرواح النادمة التائبة .
والجحيم سوداء ، مظلمةٌ ، خانقة ، منعزلة ، مليئة بالضوضاء والصراخ والعويل أما المطهر فناصعٌ مضيءٌ تسطع فيه الشمس ، ويطلع عليه البدر ، وتظهر في سمائه النجوم ، وهو مكان هادئٌ وادعٌ ، يسوده جوٌ عذبٌ رقيقٌ وحينما تتطهر الروح من الخطايا يرتجف جبل المطهر ويتزلزل ، ويرسل صوتاً مدويّاً ابتهاجاً بانتصار الروح الآثمة على ذاتها . وليس في الجحيم غناء أو إنشاد لأنه تعوزها المحبة الشاملة ، وتميل الكراهية إلى العزلة والانطواء على النفس ، بينما يتردد في أرجاء المطهر الإنشاد والترتيل والترنيم والموسيقى ، حيث تخرج الأرواح من إحساسها بذواتها ، وتطلق أنغامها وأصواتها المتنوعة ، وتندمج في شعور واحد من التعاطف والمحبة ومادة الترنم والترتيل أناشيد مقدّسة وصلواتٌ وابتهالات وآيات من الكتاب المقدس ، وتعبير عن الألم والأمل والبهجة ، والتمدح بالعذراء وبالسيد المسيح . ويبدو الملائكة أنهم أطياف تكسوهم ألوانٌ من البهجة الصوفية ، وتنعكس عليهم أضواء السماء والفردوس