مراسلات صدام حسين ورفسنجاني
ان الجهد الذي قام به الكاتب والصحفي العراقي مازن الزيدي بترجمة واعداد كتاب "مراسلات صدام / رفسنجاني"، يكتسب أهميته من القيمة التي تحملها هذه الوثيقة التاريخية بالنسبة لبلدين متجاورين عاشا حرباً عبثية، ثم ربطتهما علاقة وثيقة بعد 2003. كما يكتسب العمل الذي قدمه الزيدي أهميته من كونه يسدّ فراغاً معرفياً في الذاكرة العراقية والعربية، لجهة ندرة المصادر التي تسلط الأضواء على هذه الحقبة المهمة من تاريخ المنطقة. فعلى الرغم من أهمية ترجمة كتاب "الرسائل المتبادلة بين صدام ورفسنجاني" الى العربية بهذا الشكل المتكامل ولأول مرة، فإن الزيدي قدّم الكتاب ليكون مرجعاً ومصدراً اكاديمياً للمتخصصين والباحثين في مجال العلاقات العراقية / الإيرانية، ثم المهتمين بمعرفة كواليس تلك الحرب التي ما زال الملايين من العراقيين والعرب يجهل الكثير من اسرارها. فمن غير الصحيح اعتبار العمل مجرد ترجمة فحسب، بقدر كونه إعادة احياء لوثيقة تاريخية تم تجميعها وترميمها وعرضها بلغة رشيقة وسلسلة في ذات الوقت. ولا نغالي اذا ما اعتبرناه عملاً يرتقي الى التحقيق والتنقيب والحفر الانثربولوجي، الذي يستحق الإشادة والتنويه والتكريم حتى من قبل الأوساط الثقافية والرسمية، نظراً لخدمته للمكتبة والثقافة العراقية والعربية. وكما يذكر الزيدي، في مقدمة الكتاب، فإن العمل هو نتاج لترجمة أجزاء من المدونات المكتوبة والمنشورة باللغة الفارسية، التي تطرقت لموضوع تبادل الرسائل بين صدام ورفسنجاني وما سبقها وما تلاها من مساعي لطيّ صفحة الحرب. كما إن الترجمة الراهنة والملاحق والوثائق التي تضمنتها تمثل أول ترجمة عربية متكاملة بعد مرور أربعة عقود على نشرها لأول مرة بلغتها الأمّ. بواسطة هذه الترجمة تعرفنا على "دبلوماسية الرسائل" التي سجّل فيها المفاوض الإيراني حقوقه، وثبّتها في المحافل الدولية رغم خوضه حرباً شرسة استمرت لثماني سنوات. فبعد ان قام صدام حسين بتمزيق اتفاقية الجزائر 1975، التي وقعها عندما كان نائبا لرئيس الجمهورية مع شاه ايران محمدرضا بهلوي، عشية شنّه الحرب على ايران عاد ليعترف بها. فطيلة الرسائل التي أرسلها صدام عبر مفاوضيه، يكتشف القارئ العراقي اولاً والعربي ثانياً حجم ضعف وهشاشة الطاقم الدبلوماسي الذي كان يحيط صدام وعجزه عن منع رئيسه الى تنازلات "مخزية" و "مفضوحة".
لا يوجد مراجعات