ما فوق الإنسانية
نحن اليوم متفرجون على عالم لم نعد نفهمه. فالتحولات التقنية لم تعد تنتظر منا اللحاق بها أو محاولة إدراك نتائجها في حياتنا، بل هي تحدث فحسب. ولهذا فإن شعورنا اتجاه عواقبها المحتومة لن يتجاوز المفاجأة والانبهار الفوري، ثم الصدمة والقلق في وقت يكون التخطيط والانتفاع فيه أولى بكثير.
إن ما يعجز الكثيرون عن إدراكه أن التقنية اليوم لن تكتفي بتغيير محيطنا أو التأثير في تصرفاتنا فحسب (كما يشهد بذلك عصر الهواتف الذكية، الذي صاحبته ظواهر التشظي والانعزال عن المجتمع من جهة، والانجراف وراء أهواء وموضات جديدة من جهة أخرى)، بل سيحين الوقت – عاجلا أم آجلا – لأن تتصرف فينا جسدا وعقلا، مما سيفتح الباب أمام تغيرات ونتائج لا تخطر على أذهان الكثيرين.
وهذا الكتاب القيم، رغم صغر حجمه، يمثل مقدمة ممتازة إلى العالم الذي يحث الخطى حتى يفرض نفسه علينا، شارحا لنا – بقلم خبير وأسلوب أخاذ – تلك العوامل التي تدفعنا للتفاؤل والغبطة، وكذلك التي تستحق منا (شعوبا وحكومات) اتخاذ الحذر والاستعداد لحلول استباقية.
لا يوجد مراجعات