القبلة
لقد اضطرتها هذه الرحلة لأن تقبل ما لم تكن قادرة عليه كل ذلك الوقت، وزارت بعض المتاحف والمعارض. كانت تنوي العودة إلى أعمال ترميم اللوحات في متحف اللوفر بعد أول السنة، وكانت قد بدأت تنغمس في الفن من جديد، لقد كان هذا يذكرها بالأيام التي أمضتها في لندن برفقته منذ أكثر من سنة. لقد كان كل شيء يذكرها ببيل. اللوحات، المتاحف، بار هاري، الرقص، الموسيقى، الضحك، الهواء ولربما سيتوقف هذا يوماً. كانت ترجو ذلك. فإن لم يكن في حياتها من جديد سيتوجب عليها أن تنساه بأسرع ما يمكنها، ولربما حتى ستكف عن حبه يوماً ما. وإذا حصل هذا فإن رحمة من السماء ستكون قد حلت عليها.
في صباح يوم الأربعاء حزمت إيزابيل حاجياتها القليلة التي كانت قد أحضرتها معها، واتصلت بالبواب ليساعدها في حمل حقيبتها. كان موعد رحلتها في الساعة الواحدة، وغادرت الفندق إلى المطار في العاشرة، كانت رحلتها إلى المطار هادئة وطويلة، لقد كان الثلج قد تساقط مرة أخرى ليلة أمس، وبدت واشنطن جميلة وقد غطتها الثلوج. تحققت من رحلة الطيران، وبعد برهة، مضت لتبتاع بعض المجلات وكتاب لكي يكون معها ما تقرأ فيه خلال رحلة الطائرة. كانت تشعر بالهدوء والحزن، وبنوع من الحرية والانعتاق. فأخيراً تركته يمضي في سلام، وكانت مسرورة لأنها جاءت إلى واشنطن. لم تكن لتتوقع أن تشعر بالسلام إزاء هذا الموضوع كما كانت الآن. وحملت نفسها على ألا تفكر فيه بينما كانت تدفع ثمن المجلات والكتب، كانت تشكر المرأة على الفكة التي أعادتها لها، وإذ بها تسمع صوتاً خلفها تماماً.
"هل تعلمين أنك مجنونة؟ كنت أعرف ذلك على الدوام". أغمضت عينيها وهي تكاد لا تصدق ما تسمع. فقد كان هذا من غير الممكن، ولكنه حدث. وعندما استدارت رأت بيل وراحت تنظر إليه. "لست فقط مجنونة بل مخطئة أيضاً"، قال في هدوء. في روايتها هذه التي تلاقي رواجاً كبيراً تظهر دانييل ستيل كيف أن لحظة انكسار يمكن أن تغير حياة الناس وإلى الأبد. فرواية "القبلة" هي استعراض مؤثر لهشاشة الحياة، وقصةٌ تحبس الأنفاس، تدور حول طاقة الحب القادرة على أن تشفي، وتعتق، وتحوّل، أو تجمع شتات النفوس المحطمة. في مساء يوم دافئ من شهر حزيران (يونيو)، تمر حافلة حمراء ذات طبقتين ممتلئة بالركاب في شارع لندن. وعلى مسافة ليست ببعيدة يركب رجل وامرأة سيارة ليموزين بعد أمسية ساحرة أمضياها في المرح والرقص، وفي لحظة مطبوعة داخل ذاكرة الزمن ترتطم سيارتهما وهي في أقصى سرعتها بالباص الضخم وتتحول إلى حطام من الحديد والزجاج تحت وطأة ثقل الحافلة، ويبدأ راكباها العاشقان رحلة طويلة نحو الشفاء والأمل والحلم بمستقبل جميل.
لا يوجد مراجعات