السيدة أمريكا - قراءة في وجه أمريكا الثقافي
ليس لأحد منا أن يلغي أمريكا من جدوله اليومي، فهي موجودة قسراً أو رغبة في تفاصيل الواقعة البشرية اليوم، وأكبر حادثتين وقعتا في العقود الأخيرة هما إنهيار الإتحاد السوفييتي، ثم تغيرات المنطقة العربية، وستجدُ أمريكا في لبِّ هاتين الحادثتين، عنواناً وتفاصيل، ومثلها أي حادثة أخرى في العالم، كحادثة إستفتاء اسكتلندا حول الإنفصال عن بريطانيا أو إستفتاء خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، وهي نماذج لكل حدث بشري سياسي أو إقتصادي أو ثقافي، وهذا ليس مطلباً لأمريكا وحدها، بل أمر يتم طلبه بإستمرار، وإذا لم تتدخل جاءت الأصوات مطالبة بتدخلها، وإن لم تتدخل فعلياً ولم يُطلب منها التدخل فإن الظنون ستلاحقها بتهمة التدخل، مهما صغر الحدث أو نأى.
هنا تصبح أمريكا نصّاً ملحمياً، تراجيدياً وكوميدياً، يشترك البشر كلهم في التفاعل والإنفعال معه، وتظلُّ السيدة أمريكا هي الكائن المحبوب المكروه، تحب تطورها وتقدمها المادي والثقافي وتعجب به، وفي الوقت ذاته تكره أبويتها المتسلِّطة التي تجعلها الوصي البشري على كل صغيرة وكبيرة، وكأن كل مشكلة في الكون لا تقوم إلا بأمريكا، صانعة لها، أو مسؤولة عن حلِّها، حتى ليأتيك تصور خبيث يقول لك: ماذا لو مُسِحت أمريكا من الوجود... هل سنخترع أمريكا أخرى تلعب الأدوار نفسها...!!!.
لا يوجد مراجعات