مختارات لي لغة بعدي
الخيارات التي وقعت عليها، في هذه المجموعة، ليست اختصاراً لمحمود درويش، (الشعر لا يختصر)، ولا إلغاء لسواها. إنها إشارات من كواكبه إلى أبراجه الشعرية العالية، وإلى اللغة المقيمة فيها، بعبقرية التوالد، والشطح والانفعال والغنائية وما بعد الاستعارة، وما فوق مجاز المجاز"، بهذه الكلامات يقدّم الكاتب والشاعر نصري الصايغ، تفسيراً لإختياره هذه القصائد من شعر محمود درويش والموجودة في هذا الكتاب.
"لي لغة من بعدي"، قالها الشاعر، ومنها استقى المقدّم عنوانا لهذه المجموعة. إذ أن درويش كان يعلم أن له لغته الخاصة، "المتراكمة بإيقاع غير مسبوق"، والتي تشكّل عالمه الخاص.
"عندما نقرأ محمود درويش، في هذه القصائد، نتعجل إلى عالمه الشعري، لنفضّ حبره ونستولد منه شعره". ففيها عينّات من محتوى شعره، ومن كلماته ودلالاتها وموسيقاها ومواضيعها.
الأب وابنه مجبران على السير في نفس الطريق طولاً وعرضاً، بنفس الحنان والحنين: "-يا ابني تعبت...أتحملني؟- مثلما كنت تحملني يا أبي، وسأحمل هذا الحنين إلى أوّلي وإلى أوّله وسأقطع هذا الطريق إلى خري... وإلى آخره!".
والفرق يكمن بين الإتجاه الذي تتخذه أيام الأم، وبين ذلك الذي تتخذه أيام ابنها الشهيد: "ولنقطع هذا الطريق معاً ثم تذهب أيّامنا في اتجاهين مختلفين: أنا ما وراء الطبيعة. أمّا هي فتختار أن تجلس القرفصاء على صخرة عالية". "نريد أن نحيا قليلا، لا لشيء بل لنرحل من جديد".
شجرة الزيتون لدى الشاعر "هي لون السلام إذا احتاج السلام إلى فصيلة لون. لا يقول لها أحد: كم انت جميلة!"، لكن الجنود الجدد "يحاصرونها بالجرافات ويجتثونها من سلالة الأرض... ينتصرون على جدّتنا التي انقلبت وصار فرعها في الأرض وجذرها في السماء".
يجد القارئ قصائد مختارة من دواوينه "لماذا تركت الحصان وحيداً"، "حالة حصار"، "هي أغنية هي أغنية"، "أثر الفراشة"، "لا تعتذر عما فعلت"، "كزهر اللوز أو أبعد"، ومن "جدارية".
"للقارئ في هذا الكتاب، نعمة البقاء في نهمه، فلا يستريح إلى الإقامة بين دفتيه، بل يسأل: هل هنالك من مزيد؟ وسيرى، أن العالم يصبح أكثر اتساعاً، من حدوده".
لا يوجد مراجعات