كنفاه
ازداد الترقب في أعيننا وانحبست الأنفاس، فيما راحت خالتي تواصل حديثها الملغز : " حكتْ لنا جدتكم حين كنّا صغارًا في مثل أعماركم، عن السرّ وراء ضروب النحس التي أخذت تكرّ على بيتها وأهل بيتها. قالت، بأنها ذات يوم، قبيل أذان الفجر، خرجتْ متدثرة من حجرتها تقطع الحوش الرملي، قاصدة بيت الخلاء للوضوء. كان الفصل حينئذ خريفًا، يهب بريح خفيفة عبثت ببقايا نعاسها، فبسملت هامسة وهي تخوّض بالظلمة التي لمّا يشقها ضوء الفجر بعد. ارتعدت أطرافها وهي تقطر بالماء البارد، ثم تلمست حوائط (بيت الأدب) الحجرية بعد أن أكملت وضوءها وهمّت بالخروج. نشطت الريح لحظتئذ وسفعت وجهها بهبة رمل، فاستعاذت بالله من الشيطان الرجيم ومن جن الأرض الذين حدست أنهم يعابثونها. كانت جدتكم امرأة مؤمنة، وتعلم أن هناك طوائف من الجن الأخيار، الذين سخرهم الله لها، فلم تعد تخشاهم حتى وهي تخوض في ظلمة ذلك الحوش الموحش
لا يوجد مراجعات