مملكة الكراهية
منذ 11 أيلول/ سبتمبر 2001، الذي شهد هجمات إرهابية على مركز التجارة العالمي والبنتاغون، ظل لغز كبير يكتنف مصدر الكراهية الحقيقي الذي دفع تسعة عشر إرهابيا من الشرق الأوسط إلى الانتحار، في صنيع يهدف إلى القتل الجماعي. لماذا شرعت العقول المدبرة لهذه الهجمات في قتل آلاف الأبرياء؟ فعلى الرغم من معرفة الكثير عن الإرهابيين – عن المتواطئين معهم، وأهدافهم المعلنة، وفروعهم التنظيمية ، بل حتى عن جزء من دعمهم المالي – يبقى السؤال من غير جواب: ما هي القوى العميقة التي دفعت المنفذين إلى مباشرة الهجوم الإرهابي الأكثر فتكا في تاريخ أمريكا؟ بعبارة أخرى، هل يمكن أن يحدد مصدر كراهيتهم، في ما يتعدى مختطفي الطائرات أنفسهم وقادتهم، حتى يعالج أيضا كجزء من الجهد الأوسع لفهم الإرهاب ومنعه؟ لقد نظر بعض المحققين الأمريكيين، أثناء دراسة هجمات 11 أيلول / سبتمبر، في الدور الداعم المحتمل الذي لعبته العربية السعودية. إذ إن خمسة عشر إرهابيا من التسعة عشر، فضلا عن قائدهم المحتمل أسامة بن لادن ولدوا في العربية السعودية، وفيها ترعرعوا. وكان ثلث السجناء الذين اعتقلتهم الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب ضد تنظيم بن لادن ((القاعدة)) حتى صيف سنة 2002، هم من المواطنين السعوديين. فضلا عن ذلك، كانت الدولة السعودية إحدى ثلاث دول اعترفت ودعمت حكومة طالبان الأفغانية، التي آوت القاعدة أواخر التسعينيات. بل ثمة ملامح دعم سعودي أوسع لابن لادن، حيث تعرفت مصادر استخباراتية عليا على أميرين سعوديين منحا بن لادن تمويلات منتظمة منذ سنة 1995. علاوة على ذلك، ففي آب/ أغسطس 2002 رفعت عائلات 600 مواطن أمريكي قتلوا في هجمات 11 أيلول / سبتمبر دعوى قضائية في محكمة المقاطعة الأمريكية في واشنطن دي سي مدعية أن ثلاثة أمراء سعوديين – بمن فيهم وزير الدفاع السعودي سلطان بن عبد العزيز – قدموا المال لمؤسسات خيرية وجماعات أخرى دعمت القاعدة. قد يقول قائل إن المفروض أن تكون العربية السعودية حليف أمريكا، لا راعية الإرهاب الدولي مثل ليبيا وسوريا. بالفعل، انحازت العربية السعودية، مذ أسسها الملك عبد العزيز (المعروف في الغرب بابن سعود) سنة 1932، من الناحية الاقتصادية إلى مصالح النفط الأمريكية، حيث تشهد على ذلك مثلا الشركة السعودية العربية الأمريكية للزيت (المعروفة باسم ((أرامكو)) ). فضلا عن ذلك، ساندت العربية السعودية الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الباردة، وأنفقت مليارات الدولارات لتحصل على أسلحة أمريكية طوال عقود، وفتحت قواعدها الجوية أمام القوات الجوية الأمريكية خلال حرب الخليج ضد العراق سنة 1991. لكن أحداث 11 أيلول / سبتمبر أجبرت أمريكا على إعادة تقييم الاعتماد على العربية السعودية كحليف. في الواقع، قال محلل في شركة ((راند)) خلال تموز / يوليو 2002 لمجلس سياسة الدفاع في البنتاغون إن العربية السعودية عدو الولايات المتحدة الأمريكية. وخلص المحلل إلى أن السعوديين كانوا نشيطين (( في كل حلقة من سلسلة الرعب)) إذ ازدادت الشكوك حول تورط الدولة السعودية في هجمات 11 أيلول / سبتمبر تعمقا في النهاية. ففي أواخر تشرين الثاني / نوفمبر 2002 تبدى أن السلطات السعودية كانت تحقق في طريقة وصول شيكات وقعتها الأميرة هيفاء بنت فيصل – زوجة الأمير بندر، السفير السعودي في واشنطن – إلى عمر البيومي، وهو سعوي استضاف اثنين من منفذي هجمات 11 أيلول / سبتمبر عندما وصلا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
لا يوجد مراجعات