نفط الدم
صدر كتاب المفكر الاقتصادي ليف وينار نفط الدم في مجلد أنيق وضخم بترجمة عبيدة عامر غضبان عن مركز جسور للترجمة والنشر.
نبذة عن كتاب نفط الدم
في هذا العالم المتشابك، والاقتصاد الرأسمالي المتجاوز للحدود، هل نستطيع التيقن أننا لا نشارك بجرائم ضدّ الإنسانية بمجرد شراء سلعة أو استخدام منتج؟ .. مثلاً عندما نضع الوقود في السيارة فنحن بذلك قد ندعم شركات استغلالية في أمريكا اللاتينية تعتمد على تشغيل أطفال في معامل التكرير.
وحين تشتري امرأة خاتماً من الألماس فهي ربما تساند مافيات في أفريقيا تُسيطر بالقوة على مناجم الألماس وتُشغّل العمال بالسخرة وتحت التهديد .. وحين نشتري جهاز أيفون فنحن نُعظّم من أرباح نظام استبدادي قمعي في الصين تدفع له شركة أبل -التي تصنع أجهزتها هناك- ضريبة ضخمة.
حول هذه الموضوع المعقّد والمربك كتب ليف وينار هذا الكتاب الضخم والمهم، وشرح فيه فكرته حول "سلاسل الإمداد"، وكيف أننا مساهمون رئيسون في تكريس الفقر والجريمة والاستبداد والاستعباد في هذا العالم من دون أن نشعر؛ لأنّ معظم المواد الخام والموارد الطبيعية والمناجم والمصانع التي تعتمد على العمالة الرخيصة موجودة في بلدان فقيرة أو غير ديمقراطية وتهيمن عليها مافيات اقتصادية، والغرب يعتمد في صناعاته واستهلاكه على الاستيراد من هذه الدول من دون أن يضع أيَّ معايير أخلاقية على عملية الإنتاج.
يقول ليف وينار في كتابه إن اقتصاد العالم يقوم اليوم على ما يُشبه المقايضات في البيع والشراء، فلذلك مطلوبٌ منك -عملياً- كي تحصل على جهاز إنذار لمنزلك، أن تدفع قيمة شعلة ستوقد النار في ثلاثة أكواخ بمن فيها من عائلات، وحين تشتري لعبةً لطفلك فأنت تدفع مقابلها ثمن بندقية ستُستخدم في الهجوم على مخيم لاجئين.
وحين تملأ خزان سيارتك بالوقود فأنت تدفع رواتب سجّانين في معتقل سياسي بشع، وعندما تشتري تي شيرت (T.Shirt) فأنت تقدّم مقابله ستة أصفاد بلاستيكية ستُستخدم في اعتقال متظاهرين يُطالبون بالديمقراطية، وأن الناس حين يُشعلون التدفئة في أوروبا يقومون في الوقت ذاته بتلويث نهر النيجر.
قدّم المؤلّف عرضاً رصدياً وتحليلياً لطبيعة الوضع السياسي والاقتصادي في أهمّ الدول التي تضمّ مخزونات ضخمة من النفط والموارد الطبيعية، وكذلك الدول التي تمثّل البيئة الاقتصادية الأقل كلفة لتأسيس المصانع والشركات وتشغيلها، واستعرض حجم الانتهاكات والاستغلال والجريمة المنظمة وغياب القوانين التي تصاحب عملية الإنتاج.
ثمّ شرح كيف أن هذه الدول هي المزوِّد الرئيس للغرب بالمنتجات والبضائع والمواد الخام التي يستوردها من دون أن يضع أي قيود أو اشتراطات أخلاقية وقانونية تُساعد على تحسين ظروف العاملين وتحفظ الحد الأدنى من حقوقهم، ثم قدّم نظرية تفصيلية هي أشبه بمشروع عملي متكامل ومُبهر لحلّ هذه الحالة المركبة.
تعتمد على قوانين وأنظمة -تتبناها الدول ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد- تُشرّع وترسّخ مراسيم "التجارة النظيفة" التي ستُسهم من ناحية في الضغط السياسي والاقتصادي والقانوني على دول "الموارد الطبيعية ومصانع الإنتاج" من أجل تحسين ظروفها الداخلية على مستوى المشاركة السياسية والحريات والوضع الاقتصادي والإصلاح القانوني والعدالة الجتماعية وتوفير بيئات عمل عادلة ونظيفة، ومن ناحية أخرى هي تصُب أيضاً في مصلحة المجتمعات الغربية واستقرارها على المدى الطويل.
لا يوجد مراجعات