وادي الدوم
تدوّى البازوكة في بطن الجرف، فيفزع أهل الدومة، ويجفل طير البرجاية، وتهرب الجِمالُ من مراحها، ولا تتمهل العفاريت لتتخفّى في هيئة لا تفزع من يراها، ويلجأ أشياخ الدومة للاحتماء بالمظلات الصخرية، هربا من القصف الذي لا يعرفون مصدره، في مشهد ملتبس مليء باللقطات والشخوص والإيحاءات. تتوالى الفصول ويتوالى الكشف، وتنفك خيوط الأحداث المتشابكة فوق بقعة سحرية بعيدة، في نسج روائي للتاريخ والجغرافيا والإنسان.
ومن خلال أحاديث هؤلاء الشيوخ يتبيّن القارئ أنها ليست المرة الأولى التي تمرّ فيها "الدومة" بمثل هذا الحدث، بل شهدت مثله على مدار نحو مائة عام كاملة. هي كل عمر "الدومة" منذ عثر عليها الدليل الصحراوي "الشاهين" في قلب صحراء الغرب، على الطريق إلى "أبوبلاص" أثناء رحلة بحثية مع مجموعة من الإنجليز وحرسهم من الهجانة. حتى أن "الدوايمة" صاروا يطلقون على هذه الأحداث التي مرت بواحتهم "أيام الدومة" ويؤرخون بها لأرضهم وحياتهم. مثل يوم المهدية السودانية ويوم السنوسيين الليبيين ويوم الإنجليز والطليان والبربر، وغيرها من أيام الدومة القاسية.
لا يوجد مراجعات