تحليل الخطاب: النظرية والمنهج
منذ عشر سنين على الأقل، أًصبح مصطلح "الخطاب" متداولاً، وهو يُستعمل على نحو عشوائي في النصوص والنقاشات العلمية من دون أن يتم تعريفه غالباً.
وقد أصبح المفهوم ملتبساً؛ فإما أنه لا يعني شيئاً تقريباً، وإما أنه يستعمل بمعانٍ أكثر دقة ولكن مختلفة إختلافاً ما في سياقات متنوعة، ولكن تكمن خلف كلمة "خطاب" في حالات عديدة الفكرة العامة المتمثلة في أن اللغة مهيكلة (Structured) بحسب أنماط مختلفة تخضع لها الأقوال البشرية عند المشاركة في مجالات الحياة الإجتماعية المختلفة، ومن الأمثلة المألوفة على ذلك: "الخطاب الطبي"، و"الخطاب السياسي"، إن تحليل الخطاب هو تحليلٌ لتلك الأنماط، غير أن هذا التعريف الشائع لا يساعد كثيراً في توضيح ماهية الخطابات، أو كيفية إشتغالها، أو كيفية تحليلها، وهنا يتعين البحث عن نظريات ومناهج في تحليل الخطاب الأكثر تطوراً.
وخلال البحث سرعان ما يدرك المرء أن تحليل الخطاب ليس مقاربةً واحدة، ولكنه سلسلة في المقاربات متداخلة الإختصاصات يمكن أن تستعمل في إستقصاء العديد من المجالات الإجتماعية المختلفة في أنواع عديدة ومختلفة من الدراسات.
هذا ولا يوجد إجماع واضح حول الخطابات: ماهي؟ وكيف نحللها؟ وتُقدّم منظورات مختلفة لمقترحاتها الخاصة بها، وتتنافس على نحوٍ ما لغرض تعريفاتها الخاصة بمصطلحي "الخطاب" و"تحليل الخِطاب".
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يتمثل هدفه والغرض منه في توفير مدخل لحقل واسع متعدد التخصصات هو التحليل البنائي الإجتماعي للخطاب، يقوم الباحث يعرض مجال هذا الحقل من خلال تقديمه لثلاث مقاربات مختلفة لتحليل الخطاب ومناقشتها: نظرية لاكلاو (Ernesto Laclau) وموف (Mouffe) في الخطاب.
والتحليل النقدي للخطاب، وعلم نفس الخطاب، بهدف إبراز سمات النظرية والمنهجية المميزة لكل مقاربة، وتوفير ما يلهم ودراسات جديدة في تحليل الخطاب من خلال عرضٍ مهم من الأمثلة الإختبارية.
وبالإضافة إلى ذلك، يسعى الباحث ومن خلال تحديد الفرضيات الفلسفية المشتركة بين كل صور التحليل الإجتماعي البنائي للخطاب ومناقشتها إلى تيسير خريطة الأطر البحثية التي تعتمد أكثر من مقاربة من هذه المقاربات هذا، ومن البدهي عدم القدرة على الإحاطة بكل هذه المسائل إحاطة كاملة في كتاب واحد، لذا اكتفى الباحث بالتطرق إلى بعض النقاشات على نحوٍ موجزٍ فحسب، وقام بتلخيص النظريات، مشيراً إلى أن الأدوات المنهجية التي قدمها لا تمثل سوى مجموعة صغيرة منتخبة من الإمكانات التي توفرها كل مقاربة.
وبهذا المعنى ينبغي أن يُقْرأ الكتاب على أنه نوع من الدوافع التي تحثّ القارئ على مزيد من الإستكشاف لهذا الحقل المتعلق بتحليل الخطاب.
لا يوجد مراجعات