النار والجوهر
السمة الكبرى في التغير الذي يعم العالم العربي اليوم، هي تغير الرؤيا. وللشعر العربي المعاصر صلة كبيرة بهذا التغير، بل أنه من مؤشراته الأولى، وبعض من دوافعه الرئيسية. والتغير الشعري أسلوباً ومحتوى يتناول الأثر مع تغير الرؤيا: تنتقل زوايا الرؤيا وتعمق أبعادها بانتقال الشعر وعمق أبعاده-وبالعكس. وإذا الصور والكتابات والرموز تتحول عن الأنماط التقليدية المحتضرة، إلى الأنماط الجديدة الحية، ويصبح التغير الشعري ظاهر صحية من ظواهر النفس في تحركنا الدائب نحو المستقبل. غير أن القضية الشعرية نفسها تبقى هي هي في جوهرها. أنها قضية الإنسان الأزلية-هويته، تمرده، حبه، تجاوز موته. وكل تغيّر في الرؤيا إنما هو، في التحليل الأخير، محاولة جديدة للتأكيد على خطورة هذا الجوهر وروعته هذا أحد الخيوط الرئيسية التي تصل دراسات هذا الكتاب بعضها ببعض، وتجعل منها موضوعاً متكاملاً رغم تفاوتها الزمني.
لا يوجد مراجعات