فتنة الكرسي
"فَوَسۡوَسَ لَهُمَا الشَّيۡطَانُ لِيُبۡدِىَ لَهُمَا مَا وُورِىَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ الۡخَالِدِينَ" (الاعراف)
هكذا ولدت أول فتنة لكرسي المُلك، ومنذ الخروج من الجنة خلق بني آدم لأنفسهم، على الدوام، الجحيم في الارض، افتتنوا بالسلطة واقتتلوا على الكرسي، وخالفوا نصائح الرسل والانبياء، ولم يلتزموا بالأوامر الإلهية المنزلة.
"وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًۭا مُّتَعَمِّدًۭا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدًۭا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمًۭا" (النساء) ولكنهم بالرغم من هذا الوعيد قتلوا الانبياء، وقتلوا بعضهم بعضاً في حياة الانبياء، أو بعد سنوات قليلة على انتقال الانبياء لخالقهم، ولا زال من يدعي الايمان يقتل من يُقربه. لقد مات غالبية قياصرة وملوك القارة الاوروبية وبلاد فارس بسبب الصراع على الكرسي. يوم موت الرسول، (ص)، ذكّر المسلمين بذلك: "... والله ما الفقر أخشى عليكم، و لكن أخشى عليكم الدنيا ان تتنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم، فتهلككم كما أهلكتهم ..." وبعد 24 عاماً على وفاته، وقعت الفتنة الكبرى بين المسلمين، وقتل نصف جيوشهم من جرّاء التنافس على الكرسي. تلك الفتنة، بعد قتل الخليفة عثمان، كان يسهل ايقافها لو استمعوا لتعاليم الله بالقصاص.
هذه الرواية تدور أحداثها قبل الاسلام وبعده، وتمتد جغرافيتها عبر ما كان معروفاً بأنه العالم كله. المرعب في الأمر، أن القارئ قد يظن بأن مجريات هذه الرواية التاريخية تطابق ما يدور الآن من صراعات على كرسي السلطة وحب التسلط.
ربما كان الوضع سيختلف لو حملنا الصفات الوراثية لهابيل الذي قال لأخيه "لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ" (المائدة) قالها وهرب، ولكن قابيل تربص به وشدخ رأسه بالحجر، فقتله وأورثنا بالتالي جيناته.
-----
عبد الجبار عدوان
• خريج دراسات عليا في العلوم السياسية والاجتماعية والاسلامية من جامعة هايدلبرج في المانيا.
• صدر له عن دار الفارابي ثلاث روايات: "راوي قرطبة"، "سياسة في الجنة"، "بومة بربرة".
لا يوجد مراجعات