علم النفس والعولمة
إن التحولات التي فرضتها العولمة جعلت من المعرفة القوّة الأهم لأي مجتمع، وأصبح الإقتدار المعرفي أبرز متطلبات بناء المستقبل، وهذا الإقتدار لا يقتصر على المستوى العلمي فقط، بل هو يمتدّ إلى تنمية الإبداع وخلق جو من الحريّة التي تتيح لأفراد المجتمع إطلاق طاقاتهم التي يعتبر كبتها سبباً لأكبر الأمراض النفسية.
ومع هذه التحولات أصبح من الملحّ إعادة النظر في وظائف علم النفس، وفلسفاته، وممارساته عربياً، ذلك أنه تم إستيراد هذا العلم كما وُضع وتتطور في الغرب، لخدمة إحتياجات منها ما هو مشترك، إنساني عام، ومنها ما هو خاص بتلك المجتمعات؛ فإضافة إلى الدور الذي يلعبه علم النفس على المستوى الفردي، فإن من مهامه التصدّي لكشف آليات التحكّم التي تمارَس على الإنسان، كي يبيّن نتائج ذلك على صعيد التنمية والتحصين المجتمعي، وكذلك التصدّي الشجاع لبنى السلطة التي تستهلك شعوبها، ولا تسمح لهذه الشعوب بإطلاق طاقاتها، الحيويّة، وخاصّة لدى فئة الشباب الذين لا تتاح لهم فرصة التعبير الحرّ عن أنفسهم في مجتمعاتهم فليجؤون إما إلى الهجرة أو إلى العيش ضمن العالم الذي تتيحه لهم وسائل التواصل والفضائيات وشبكات الإنترنت، من دون الإسهام الفعلي في نشاط مجتمعاتهم.
يستعرض هذا الكتاب مجموعة من الرؤى المستقبلية في التربية والتنمية المجتمعيّة، والتعليم العالي والمعرفة، والشباب وتربية الإبداع، والصحّة النفسيّة بين ممارسات الحاضر وخيارات المستقبل، مركِّزاً على الإهتمام ببناء الشخصيّة المقتدرة على التعامل مع تحديّات العولمة عبر إطلاق النماء القادرة على صناعة المستقبل.
لا يوجد مراجعات