قلعة المصائر المتقاطعة
تتعزز في رواية ( قلعة المصائر المتقاطعة) نباهة القراءة وفراسة القارئ .. القارئ، هاهنا، هو الراوي الأول الذي يلج القلعة في وسط الغابة بعد عناء، ويجد نفسه على طاولة مع عابرين آخرين تقاطعت طرقهم فالتقوا ليحكوا بعضهم لبعض حكاياتهم، إلا أنهم جميعاً يُفاجأون بفقدان مقدرتهم على الكلام فيلجأون إلى أوراق التاروت ـ أوراق لعب ـ فيلقون بهذه الأوراق على وفق اختيارات حاذقة، فيحدث نوع من القراءة السيميائية للصور المرسومة على الأوراق، والتي بتتابعها تتصاعد أحداث الحكايات. فكل راوٍ يسعى إلى تأصيل حكايته في ذاكرة الآخرين أملاً في الحصول على التفهم والمواساة. يسرد كالفينو حكاياته من خلال رواته العديدين مظهراً جغرافيا متشعبة ومعقدة للوجود الإنساني وعلاقات الإنسان وصراعاته ومواجهاته لنفسه ومصيره، مشتغلاً على الموضوعات الأساسية لذلك الوجود، وهي؛ الحب والحرية والحرب والألم والموت. تتشابك الحكايات، ويتبارى الرواة للحصول على الأوراق فتتشكل خريطة معقدة على الطاولة، وبذلك تتحقق التقنية السردية التي تشبه، إلى حد ما، التقنية التي استخدمتها شهرزاد وهي تروي حكاياتها لشهريارـ الملك، فتتفرع الحكايات ثم تلتقي فتستقل كل حكاية بذاتها على الرغم من التقائها مع الحكايات الأخرى
لا يوجد مراجعات