حكايات حارتنا
يروق لي اللعب في الساحة بين القبور والتكية. ومثل جميع الأطفال أرنو إلى أشجار التوت بحديقة التكية. أوراقها الخضر هى ينابيع الخضرة الوحيدة في حارتنا. وثمارها السود مثار الأشواق في قلوبنا الغضة. وها هى التكية مثل قلعة صغيرة تحدق بها الحديقة، بوابتها مغلقة عابسة ، دائما مغلقة، والنوافذ مغلقة فالمبنى كله غارق في البعد والانطواء والعزلة ، تمتد أيدينا إلى سوره كما تمتد إلى القمر. وأحيانا يلوح في الحديقة ذو لحية مرسلة وعباءة فضفاضة وطاقية مزركشة فنهتف كلنا. -"يا درويش.. إن شا الله تعيش" ولكنه يمضي متأملا الأرض المعشوشبة أو يتمهل عند جدول ماء ثم لا يلبث ان يختفي وراء الباب الداخلي. من هؤلاء الرجال يا أبي؟ - انهم رجال الله... ثم بنبرة ذات معنى : - ملعون من يكدر صفوهم؟ ولكن قلبي مولع بالتوت وحده.
لا يوجد مراجعات