الأعمال القصصية ج٢ الصحراء
إن عالم الغابة عند كيروجا ليس عالما مثاليا كما صوره آخرون سابقون عليه أو معاصرون له فى إسبانوأمريكا أو فى آداب أخرى ؛ كيروجا يبحث عن الجانب المرعب المتجنب لي فى الأشياء وحدها وإنما فى داخل الإنسان نفسه ، فيجده فى وحدة الفرد وعزلته وضعفه، وفى قسوة طبيعة لا ترحم وفى أحداث عنيفة ومخيفة: فالرعب كامن فى الأشياء، مختف وراء المجهول، ومثال ذلك الأسمى الموت الوشيك والملغوز. وكرُقية ساحر يتصدى للموت بالكتابة عنه: طبيعة الغابة الهوجاء التى لا تبقى على شىء، ضعف الإنسان الأعزل و المصر على مقاومة الطبيعة فى صراع نهايته مرعبة محتومة.
وشفرة الرعب هى الموت ؛ فالحياة والوحدة والتحول والمشاق التى لا تنتهى واللحظات المخيفة الكثيرة ليست إلا أقنعة - لا نهائية - لشبح وحيد ملح يحاصره فى حياته وفى نصوصه. إن الموت، المجسد، المحيق، ليظهر فى أعماله فى مغايرين. الأول: على نحو عارض، فجائى، متصل بدورة الطبيعة ، أما الثانى : ففى شكل تدهور بطىء للجسد بعد الانهيار النفسى فى مناخ عدائى شديد ومهلك.
لذا، فإن من يقرأ هذه "الأعمال القصصية" يشعر بذلك الإجهاز العصابى المحتوم على أية مقاومة للقارئ، وبذلك الكرب الزائغ المتوارى فى البداية ، الذى تلوح للمتلقى غير المصدق نذره فيما بعد إلى أن يغشاه فى رعب لا فكاك منه.
لا يوجد مراجعات